كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 5)

يُفْهَمَ الْفَسَادُ مُطْلَقًا إذَا اخْتَلَفَ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ أَيْ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ

(ص) وَدَقِيقِ حِنْطَةٍ (ش) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ دَقِيقِ حِنْطَةٍ قَبْلَ طَحْنِهَا عَلَى الْأَشْهَرِ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ آخُذُ مِنْك صَاعًا أَوْ كُلَّ صَاعٍ بِكَذَا مِنْ دَقِيقِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ كَمَا مَرَّ فِي الزَّيْتُونِ وَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ مَطْحُونًا وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ اخْتِلَافِ خُرُوجِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ طَحْنُهُ بِالْقُرْبِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ خُرُوجُهُ مُنِعَ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ وَلَيْسَ مَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَشْتَرِي مِنْك هَذَا الصَّاعَ عَلَى أَنْ تَطْحَنَهُ فَهَذَا بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَإِذَا أَوْفَاهُ إيَّاهُ حَبًّا خَرَجَ مِنْ ضَمَانِهِ

(ص) وَصَاعٍ أَوْ كُلَّ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَإِنْ جُهِلَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ عَدَدِ آصُعَ مِنْ صُبْرَةٍ مَعْلُومَةِ الصِّيعَانِ أَوْ مَجْهُولَتِهَا، وَكَذَا شِرَاءُ كُلِّ صَاعٍ بِكَذَا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَالْمُشْتَرَى جَمِيعُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ أَوْ مَجْهُولَتَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ) إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ كُلِّ صَاعٍ مِنْ الصُّبْرَةِ بِكَذَا حَيْثُ أُرِيدَ الْبَعْضُ سَوَاءٌ أَرَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لِجَهْلِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ حَالًا وَمَآلًا؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ الصَّادِقِ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالثَّمَنُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ ذَلِكَ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ الْجِنْسِ وَالْقَصْدُ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِكَذَا فَلَا يُمْنَعُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا وَاحِدًا مِنْهُمَا فَمُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ الْمَنْعُ

(ص) وَشَاةٍ وَاسْتِثْنَاءُ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الشَّاةَ مَثَلًا وَيَسْتَثْنِي مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ أَوْ أَكْثَرَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْلُغَ الثُّلُثَ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ كِبَرًا وَصِغَرًا، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الْأَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي شَاةٍ وَيَصِحُّ فِي اسْتِثْنَاءُ النَّصْبُ عَلَى الْمَفْعُولِ مَعَهُ وَالرَّفْعُ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَلَا يَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى شَاةٍ لِفَسَادِ الْمَعْنَى إذْ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ وَبَيْعُ اسْتِثْنَاءِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ بَعْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ بَعْدَهُ لَا حَقَّ لَهُ وَاللَّاحِقُ لِلْعَقْدِ كَالْوَاقِعِ فِيهِ (ص) وَلَا يَأْخُذُ لَحْمَ غَيْرِهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي عِوَضًا عَنْ الْأَرْطَالِ الْمُسْتَثْنَاةِ عَدَدَهَا أَرْطَالًا مِنْ لَحْمِ غَيْرِ الشَّاةِ الْمَبِيعَةِ، وَلَوْ قَالَ وَلَا يَأْخُذُ بَدَلَهَا أَيْ الْأَرْطَالِ لَشَمَلَ أَخْذَ بَدَلِهَا لَحْمًا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ أَخْذُ غَيْرِ اللَّحْمِ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ فِي هَذِهِ هِيَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى فَعِلَّةُ الْمَنْعِ أَنَّهُ بَيْعُ لَحْمٍ مُغَيَّبٍ وَهُوَ يَمْتَنِعُ بِاللَّحْمِ وَغَيْرِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَصْرُهُ قَرِيبًا مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ

(قَوْلُهُ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ آخُذُ مِنْك صَاعًا أَوْ كُلَّ صَاعٍ) وَأُخِذَ جَمِيعُ هَذِهِ الصُّبْرَةِ لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ) أَيْ فَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَدَقِيقُ حِنْطَةٍ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ طَحْنِهِ بِالْقُرْبِ) فَحِينَئِذٍ يَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ شُرُوطِ زَيْتِ الزَّيْتُونِ كَمَا فِي شَرْحِ شب وَالْقُرْبُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) لَا يَخْفَى جَوَازُ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهِيَ مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَاسْتَخَفَّهُ مَالِكٌ بَعْدَ أَنْ كَرِهَهُ، وَكَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْقَمْحَ عُرِفَ وَجْهُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَجُعِلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ التَّخْفِيفَ وَالِاسْتِحْسَانَ لَا الْقِيَاسُ (أَقُولُ) إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي قَوْلَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ اخْتِلَافٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَإِذَا أَوْفَاهُ إلَخْ أَيْ فِي صُورَةِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَأَمَّا شِرَاءُ زَيْتُونٍ وَسِمْسِمٍ وَحَبِّ فُجْلٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ عَصْرَهُ أَوْ زَرْعُ قَائِمٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ حَصْدَهُ وَدَرْسَهُ فَلَا يَجُوزُ، وَكَأَنَّهُ ابْتَاعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَأَمَّا إنْ ابْتَعْت ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ لَك أَوْ نَعْلَيْنِ عَلَى أَنْ يَخْرُزَهُمَا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ شِرَاءُ غَزْلٍ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ لَك

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ عَدَدِ آصُعَ) هَذِهِ الصُّورَةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ صُبْرَةٍ مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ وَكَذَا يَجُوزُ ذِرَاعٌ أَوْ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ فَالْحِكَايَةُ لِلْخِلَافِ فِي كُلِّ صَاعٍ رَدًّا عَلَى ابْنِ مَسْلَمَةَ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ حِينَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ) كَمَا إذَا أَوْهَمَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا آصُعًا كَثِيرَةً وَمُرَادُهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضًا مِنْهَا قَلِيلًا، وَإِنَّمَا أَوْهَمَهُ لِيَتَسَاهَلَ لَهُ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَخْذٌ مِنْ تَوْبٍ أَوْ شُقَّةٍ أَوْ شَمْعَةٍ لِزِفَافٍ مَثَلًا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ رُؤْيَةُ الصُّبْرَةِ وَالثَّوْبِ حَيْثُ اُشْتُرِطَ كُلُّ صَاعٍ أَوْ ذِرَاعٍ بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ حَزْرِهِ لَا لِتُعْلَمَ صِفَةُ الْمَبِيعِ، وَإِلَّا اكْتَفَى بِبَعْضِهِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ شُرُوطِ الْجُزَافِ كَمَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ بَقِيَّتِهَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْجُزَافَ هُنَا عَلَى الْكَيْلِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ جُزَافٍ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى ثُلُثَهَا أَوْ رُبُعَهَا مَثَلًا لَجَازَ (قَوْلُهُ حَالًا وَمَآلًا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُعْلَمُ مَآلًا حِينَ يَقِفُ عَلَى مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَآلِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْكَيْلِ قَبْلَ انْتِهَاءِ مَا يُرَادُ أَخْذُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ الْجِنْسِ) وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ كُلَّ صَاعٍ مُشْتَرًى جِنْسُهُ هَذِهِ الصُّبْرَةُ أَيْ جِنْسًا لَيْسَ مَشُوبًا بِتَبْعِيضٍ فَيَئُولُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ صَاعٍ بِكَذَا، وَالظَّاهِرُ قَبُولُ قَوْلِهِ حَيْثُ يَدَّعِي النِّسْيَانَ وَخَالَفَهُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ

(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى لَا مُشْتَرًى، وَإِلَّا كَانَ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ وَمَا بَقِيَ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى هُوَ الْمَبِيعُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى شَاةً قَبْلَ سَلْخِهَا إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا وَلَوْ بَلَغَ الثُّلُثَ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْلُغَ الثُّلُثَ) فَمَتَى بَلَغَهُ مُنِعَ وَلَوْ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ (قَوْلُهُ وَالرَّفْعُ إلَخْ) أَيْ وَجَازَ الرَّفْعُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الِاسْتِثْنَاءِ يُفِيدُ الْمُقَارَنَةَ الْمَقْصُودَةَ.
(تَنْبِيهٌ) :
إنَّمَا لَمْ يَجُزْ اسْتِثْنَاءُ الثُّلُثِ كَالصُّبْرَةِ وَالثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْمَنْعِ هُنَا أَشَدُّ كَمَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ قَرِيبًا وَمَحَلُّ هَذَا إنْ بِيعَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّلْخِ فَإِنْ بِيعَتْ بَعْدَهُ فَلِبَائِعِهَا اسْتِثْنَاءُ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ بِيعَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ بَاعَهُ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مُشْتَرًى) أَيْ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلشَّاةِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى لَا مُشْتَرًى كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا نَقْلًا (قَوْلُهُ أَنَّهُ بَيْعُ لَحْمٍ مُغَيَّبٍ)

الصفحة 25