كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 5)

الْمُؤَلِّفِ الْمُقَابِلُ لِلْقِيَاسِ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ اسْتِحْسَانُ شَيْخٍ غَيْرِ الَّذِينَ قَدَّمْتُهُمْ، أَوْ هُمَا.

(ص) لَا جُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَعَدُوٍّ إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ، أَوْ أَسْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْبُوسَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا، وَلَا لِصَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَا لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ، أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِنَذْرٍ، أَوْ حِنْثٍ، ثُمَّ قِيمَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ حُبِسَ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ يَوْمَ نُزُولِهِ بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى، أَوْ بِعَرَفَاتٍ اُسْتُحْسِنَتْ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ كَفِيلٌ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ الْحَجِّ، ثُمَّ يُحْبَسَ بَعْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وِلَاءً قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَالنَّفْرُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعَجَّلُ فِي الرَّمْيِ وَقَدْ مَرَّ فِي فَصْلِ الْحَصْرِ أَنَّ مَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يُحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَلَا يَخْرُجُ لِلدَّعْوَى عَلَيْهِ وَيُوَكِّلُ مَنْ يَسْمَعُ عَنْهُ الدَّعْوَى فَإِنْ امْتَنَعَ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فَإِذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ يُزَادُ السَّجْنُ عَلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ بَعْدَ الْإِعْذَارِ وَكَذَلِكَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْخُرُوجِ لِأَجْلِ عَدُوٍّ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ الْعَدُوُّ وَفِي السِّجْنِ، أَوْ يُخَافَ أَنْ يَأْسِرَهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ.

(ص) وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ (ش) هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الْخَاصِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَحَازَهَا الْمُشْتَرِي وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْبَائِعُ ثَمَنَهَا فُلِّسَ الْمُشْتَرِي أَوْ مَاتَ، وَالسِّلْعَةُ مَوْجُودَةٌ فَلِبَائِعِهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْغَرِيمِ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ شَيْئِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي حَالَةِ الْفَلَسِ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَدَيْنُ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِهَا، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ فَلَا يَكُونُ بَائِعُهَا أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ بَلْ هُوَ أُسْوَتُهُمْ فِيهَا؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ خَرِبَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَيْنٌ مِمَّا لَوْ تَغَيَّرَ كَمَا يَأْتِي وَشَمِلَ الدَّرَاهِمَ، وَالدَّنَانِيرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ مَسْكُوكًا (ش) حَيْثُ عُرِفَ بِعَيْنِهِ بِأَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا، أَوْ كَانَ مَطْبُوعًا عَلَيْهَا قِيَاسًا لِلثَّمَنِ عَلَى الْمُثَمَّنِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، ثُمَّ إنَّ مِثْلَ الْغَرِيمِ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ بِإِرْثٍ، أَوْ هِبَةِ الثَّمَنِ، أَوْ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ، أَوْ حَوَالَةٍ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْغَرِيمِ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْمُحَاصَّةُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَمَنْ بَاعَ عَبْدًا بِكِتَابٍ مَثَلًا غَيْرَ مَقْبُوضٍ مِنْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ بَاعَ الْكِتَابَ لِشَخْصٍ، ثُمَّ فُلِّسَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ إذْ لَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَائِعِ الْعَبْدِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَلَكَ ثَمَنَ الْعَبْدِ، وَالْأَوَّلُ يَرْجِعُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ فِي الْفَلَسِ دُونَ الثَّانِي قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ بَائِعَ الْعَبْدِ بِالْكِتَابِ يَقُولُ إنَّمَا خَرَجَ الْعَبْدُ مِنْ يَدِي فِي مُقَابَلَةِ الْكِتَابِ فَإِذَا تَعَذَّرَ أَخْذُ الْكِتَابِ فَلِي الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ عَبْدِي فِي الْفَلَسِ، وَأَمَّا مُشْتَرِي الْكِتَابِ فَإِنَّمَا دَفَعَ الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْكِتَابِ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى ثَمَنَ شَيْئِهِ فَلَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ
(ص) ، أَوْ آبِقًا (ش) هَذَا أَيْضًا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا فَأَبْقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْضَى بِعَبْدِهِ الْآبِقِ بِشَرْطِ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ فَإِنْ وَجَدَهُ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
(ص) وَلَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ (ش) ، وَلَا يَرْجِعُ لِلْحُصَاصِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ مِنْ الْمُفَلَّسِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ.

(ص) إنْ لَمْ يَفْدِهِ غُرَمَاؤُهُ وَلَوْ بِمَالِهِمْ وَأَمْكَنَ لَا بُضْعٌ وَعِصْمَةٌ وَقِصَاصٌ (ش) أَشَارَ إلَى شُرُوطِ أَخْذِ السِّلْعَةِ مِنْ عِنْدِ الْمُفَلَّسِ مِنْهَا أَنْ لَا يَفْدِيَهُ الْغُرَمَاءُ فَإِنْ فَدَوْهُ بِثَمَنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ وَلَوْ بِمَالِهِمْ الْخَاصِّ بِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمِنُوا لَهُ الثَّمَنَ وَهُمْ ثِقَاتٌ أَوْ يُعْطُونَ بِهِ حَمِيلًا ثِقَةً وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يُمَكَّنَ الْغَرِيمُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ عَيْنَ شَيْئِهِ وَلِهَذَا احْتَرَزَ عَنْ الْبُضْعِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ فُلِّسَ الزَّوْجُ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي بُضْعِهَا الَّذِي خَرَجَ مِنْهَا بَلْ تُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ لَا يَخْرُجُ لِلْجُمُعَةِ فَالْعِيدُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِإِخْرَاجِهِ لِلْعِيدِ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: لَا جُمُعَةٍ) ، أَيْ: وَلَا جَمَاعَةٍ بَلْ لِوُضُوءٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ إلَخْ) ، أَيْ: فَيَخْرُجُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَكَذَا خَوْفُ قَتْلِهِ، أَوْ أَسْرِهِ إنْ لَمْ يُطْلِقْ بِالْكُلِّيَّةِ وَكَذَا خَوْفُ قَتْلِ غَيْرِهِ، أَوْ أَسْرِهِ إذَا لَمْ يُطْلِقْ فِيمَا يَظْهَرُ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُطْلِقْ مَعَ خَوْفِ مَنْ ذُكِرَ حَتَّى يَحْصُلَ مَا خِيفَ مِنْهُ مَاذَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُطْلِقْهُ وَهَلْ هُوَ رَبُّ الْمَالِ، أَوْ الْحَاكِمُ، أَوْ السَّجَّانُ، أَوْ كُلٌّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ فِي فَصْلِ الْحَصْرِ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ حُبِسَ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَإِذَا بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَفَاتَهُ الْحَجُّ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ: إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ) ، أَوْ لَا إلَى مَوْضِعٍ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ إنْ لَمْ يُطْلَقْ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالنَّفْرُ بِسُكُونِ الْفَاءِ.

(قَوْلُهُ: أَخَذَ عَيْنَ مَالِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ لِأَجْلِ الشَّرْطِ الْآتِي وَقِرَاءَتُهُ بِكَسْرِ اللَّامِ لَا يَأْتِي مَعَهُ الشَّرْطُ الْآتِي، وَقَوْلُهُ: الْمُحَازُ عَنْهُ هَذِهِ النُّسْخَةُ تَصْحِيفٌ، وَالصَّوَابُ نُسْخَةُ مَحُوزٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَحَازَ وَإِنَّمَا يُقَالُ حَازَ فَاسْمُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ مَحُوزٌ، وَمَحُوزٌ أَصْلُهُ مَحْوُوزٌ، وَمُحَازٌ أَصْلُهُ مُحْوَزٌ، فَلَوْ لَمْ يَحُزْ عَنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَلَسًا وَمَوْتًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا) وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ تُفَارِقْ الْبَيِّنَةُ مَنْ قَبَضَهُ مِنْ حِينِ الرَّفْعِ إلَى حِينِ التَّفْلِيسِ وَبِتَصَوُّرِ ذَلِكَ لِمَنْ دَفَعَ عَيْنًا رَأْسَ مَالٍ فَفُلِّسَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) ، أَيْ: حَيْثُ قَالَ الْأَحَادِيثُ إنَّمَا فِيهَا مَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ أَوْ مَتَاعَهُ، وَالنَّقْدَانِ لَا يُطْلَقَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ عُرْفًا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْمُحَاصَّةُ) ، أَيْ: بِالثَّمَنِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إلَخْ) ، أَيْ: بِشَرْطِ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ إنْ لَمْ يَجِدْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَهُ عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ يُحَاصِصَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ رَجَعَ إلَى الْحِصَاصِ، أَيْ: لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَطْلُبُ الْآبِقَ فَإِنْ وَجَدْتُهُ فَهُوَ لِي وَإِنْ لَمْ أَجِدْهُ دَخَلْت فِي الْحِصَاصِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ فَإِنْ وَجَدَهُ كَانَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ ذَلِكَ أَيْ يَطْلُبُهُ فَإِنْ وَجَدَهُ كَانَ لَهُ، وَإِلَّا رَجَعَ فَحَاصَصَ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمِنُوا لَهُ الثَّمَنَ إلَخْ) ، أَيْ: وَالنَّمَاءُ، وَالْخَسَارَةُ لِلْمُفَلَّسِ وَعَلَيْهِ

الصفحة 281