كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 5)

فِي يَدِهِ فَلَوْ سَلَّمُوا مَصْنُوعَهُمْ، أَوْ لَمْ يَحُوزُوهُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ كَالْبِنَاءِ لَمْ يَكُونُوا أَحَقَّ بِهِ بَلْ هُمْ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ
(ص) ، وَإِلَّا فَلَا (ش) ، أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ سَلَّمَ مَصْنُوعَهُ لِأَرْبَابِهِ، أَوْ كَانَ غَيْرَ حَائِزٍ مِنْ الْأَصْلِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ بَلْ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ وَهَذَا إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ كَالْخَيَّاطِ، وَالْبَنَّاءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَيْ لَيْسَ لَهُ فِيهِ إلَّا عَمَلُ يَدِهِ، وَأَمَّا إنْ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ كَالصَّبَّاغِ يَصْبُغُ الثَّوْبَ بِصِبْغَةٍ، وَالرَّقَّاعِ يُرَقِّعُ الْفَرْوَ بِرِقَاعِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُفَلَّسُ صَاحِبُهُ وَقَدْ أَسْلَمَهُ الصَّانِعُ لِرَبِّهِ فَإِنَّ مَا جَعَلَهُ فِيهِ يَكُونُ كَالْمَزِيدِ يُشَارِكُ الْغُرَمَاءَ بِقِيمَةِ مَا زَادَ فِيهِ مِنْ عِنْدِهِ، وَالنَّسَّاجُ فِي حُكْمِ مَنْ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا لِقُوَّةِ صَنْعَةِ النَّسْجِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
(ص) إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا إلَّا النَّسْجَ فَكَالْمَزِيدِ يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ (ش) ، أَيْ: يُشَارِكُ فِي الْفَلَسِ خَاصَّةً بِقِيمَةِ مَا أَضَافَهُ لِتَعَذُّرِ تَمْيِيزِهِ، وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ سَوَاءٌ نَقَصَ الْمَصْنُوعُ بِالصَّنْعَةِ أَوْ زَادَ، أَوْ سَاوَى فَيُقَوَّمُ يَوْمَ الْحُكْمِ الثَّوْبُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ وَغَيْرُ مَرْقُوعٍ، وَالْغَزْلُ غَيْرُ مَنْسُوجٍ فَإِنْ قِيلَ: يُسَاوِي مَثَلًا أَرْبَعَةً. قِيلَ: وَمَا قِيمَةُ الصَّبَّاغِ وَالرَّقَّاعِ وَمَا أُجْرَةُ النَّسْجِ؟ فَإِنْ قِيلَ: دِرْهَمٌ مَثَلًا كَانَ رَبُّهُ شَرِيكًا لِلْغُرَمَاءِ بِالْخُمُسِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْغُرَمَاءُ مَا شَارَطَ عَلَيْهِ وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالصَّانِعِ بَائِعُ مَنْفَعَةِ يَدِهِ الَّذِي لَمْ يُخْرِجْ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا وَلَوْ هُنَا لِلرَّدِّ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ مِنْ الِاخْتِصَاصِ بِالْمُفَلَّسِ لَا لِلْإِشَارَةِ إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ إذْ لَا خِلَافَ هُنَا
(ص) ، وَالْمُكْتَرِي بِالْمُعَيَّنَةِ وَبِغَيْرِهَا إنْ قُبِضَتْ وَلَوْ أُدِيرَتْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ، وَالصَّانِعُ أَحَقُّ وَلَوْ بِمَوْتٍ بِمَا بِيَدِهِ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مُعَيَّنَةً وَأَقْبَضَ أُجْرَتَهَا لِرَبِّهَا، ثُمَّ فُلِّسَ، أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الْمُكْتَرِيَ يَكُونُ أَحَقَّ بِالدَّابَّةِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ اتِّفَاقًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمَنَافِعَ الَّتِي اشْتَرَاهَا، وَسَوَاءٌ قَبَضَهَا مِنْ رَبِّهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ تَعْيِينَهَا كَقَبْضِهَا وَكَذَلِكَ يَكُونُ أَحَقَّ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ حَيْثُ كَانَتْ مَقْبُوضَةً حِينَ التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِمُجَرَّدِ قَبْضِهَا وَرُكُوبِهِ عَلَيْهَا كَالْمُعَيَّنَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّهَا يُدِيرُ الدَّوَابَّ تَحْتَ الْمُكْتَرِي أَمْ لَا أَمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ مَقْبُوضَةً حِينَ التَّفْلِيسِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فَقَوْلُهُ إنْ قُبِضَتْ أَيْ إنْ كَانَتْ مَقْبُوضَةً حِينَ التَّفْلِيسِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَعِبَارَاتُهُ غَيْرُ مُوفِيَةٍ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا قُبِضَتْ وَرُدَّتْ لِرَبِّهَا وَحِينَ التَّفْلِيسِ كَانَتْ بِيَدِ رَبِّهَا مَعَ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَيْسَ أَحَقَّ بِهَا، فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُقَالُ الْمُبَالَغَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ بِمَا قُلْنَاهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِدَارَةِ أَنْ تَكُونَ بِيَدِهِ وَقْتَ التَّفْلِيسِ
(ص) وَرَبُّهَا بِالْمَحْمُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَا لَمْ يَقْبِضْهُ رَبُّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لِلدَّابَّةِ إذَا فُلِّسَ، أَوْ مَاتَ فَرَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِمَا عَلَى ظَهْرِهَا فِي أُجْرَةِ دَابَّتِهِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ، وَمِثْلُ الدَّابَّةِ السَّفِينَةُ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الدَّابَّةِ مَعَهَا أَمْ لَا مَا لَمْ يُسَلِّمْ رَبُّ الدَّابَّةِ الْمَتَاعَ لِرَبِّهِ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِمَا حَمَلَتْهُ دَابَّتُهُ بَلْ هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ مَا لَمْ يَقُمْ بِالْقُرْبِ فَإِنْ قَامَ بِالْقُرْبِ رَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِالْأَمْتِعَةِ وَلَوْ قَبَضَهَا رَبُّهَا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِطُولٍ فَلِمُكْتَرِيهِ يَمِينٌ، وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقْبِضْهُ رَبُّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ قَدْرًا فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ بِعَقْدٍ، أَوْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا أَنَّهُ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ قَدْرًا مِنْ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْبِسُ وَاحِدًا فِي أُجْرَةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ مَا جَعَلَهُ فِيهِ يَكُونُ كَالْمَزِيدِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مَزِيدٌ (قَوْلُهُ: إلَّا النَّسْجَ) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي جَعْلِ النَّسْجِ كَالْمَزِيدِ فِي الْمُشَارَكَةِ بِقِيمَتِهِ كَلَامَ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ النَّسْجَ لَيْسَ كَالْمَزِيدِ فَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا كَالنَّسْجِ، وَإِلَّا شَارَكَ بِقِيمَتِهِ لَوَافَقَ الْمَشْهُورَ وَكَانَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِالرَّدِّ عَلَى مَا لِابْنِ شَاسٍ.
(قَوْلُهُ: يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ) بَيْنَ حُكْمِ الْمَزِيدِ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا وَلِذَا جَرَّدَهُ مِنْ الْعَاطِفِ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَمَا حُكْمُ الْمَزِيدِ فَقَالَ يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنْ يُشَارِكَ بِقِيمَةِ النَّسْجِ (قَوْلُهُ: يُشَارِكُ فِي الْفَلَسِ خَاصَّةً) وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ فِي الْفَلَسِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ شَارَكَ بِقِيمَتِهِ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَلَيْسَ أُسْوَةً لَهُ أَخْذَ عَيْنِ شَيْئِهِ فَلِذَلِكَ قُلْنَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَيُقَوَّمُ يَوْمَ الْحُكْمِ إلَخْ) بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْغَزْلِ مَثَلًا وَمَا قِيمَةُ صَنَعْته، وَلَا يُقَوَّمُ غَيْرَ مَصْبُوغٍ، أَوْ غَيْرَ مَرْقُوعٍ، ثُمَّ يُقَوَّم مَصْبُوغًا، أَوْ مَرْقُوعًا وَيَكُونُ شَرِيكًا بِمَا زَادَهُ الصَّبْغُ، أَوْ الرَّقْعُ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذْ قَدْ لَا يَزِيدُهُ ذَلِكَ فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُشَارَكَةَ إنَّمَا هِيَ بِقِيمَةِ مَا صُبِغَ بِهِ لَا بِأُجْرَةِ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ فِيهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا أَفَادَهُ الشُّيُوخُ، ثُمَّ قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَوْضُوعَ الْمُصَنِّفِ فِي النَّسْجِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَنْسِجُ لَهُ غَزْلًا، وَأَمَّا مَنْ بَاعَ غَزْلًا فَوَجَدَهُ مَنْسُوجًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُفَلَّسِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا أَيْضًا قَطْعًا، وَلَا يَكُونُ هُوَ، وَلَا بِنَاءُ الْعَرْصَةِ فَوْتًا عَلَى الرَّاجِحِ، وَقَوْلُهُ: بِالْمُعَيَّنَةِ، أَيْ: مَنْفَعَتُهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ شَارِحِنَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ (قَوْلُهُ: إنْ قُبِضَتْ) ، أَيْ: قُبِضَ الْغَيْرُ وَأُنِّثَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُؤَنَّثٌ، أَيْ: إنْ قَبَضَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَأَقْبَضَ أُجْرَتَهَا) كَذَا فِي عب وَشب وَظَاهِرُهُ دَفَعَ الْأُجْرَةَ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: حِينَ التَّفْلِيسِ) ، أَيْ: أَوْ الْمَوْتِ وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ كَوْنِ الرَّاعِي لَيْسَ أَحَقَّ بِالْغَنَمِ بِأَنَّ الرَّاعِيَ لَمْ يَتَعَلَّقْ لَهُ حَقٌّ بِعَيْنِ الدَّوَابِّ بَلْ بِذِمَّةِ الْمُكْتَرِي وَمُكْتَرِي الدَّابَّةِ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِاسْتِيلَائِهِ مَنْفَعَتَهَا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّهَا إلَخْ) ، أَيْ: خِلَافًا لِأَصْبَغَ، أَيْ: فَيَقُولُ إنَّهَا إذَا أُدِيرَتْ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا، أَيْ: يُحَرَّكُ الدَّوَابُّ تَحْتَ الْمُكْتَرَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَرَبَّهَا بِالْمَحْمُولِ إلَخْ) قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ إنْ قُلْت: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَكْرِي الْأَرْض فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِزَرْعِهَا فِي الْفَلَسِ فَقَطْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ أَنَّ الْأَرْضَ كَالْحَائِزَةِ لِمَا فِيهَا عَلَى مَا بَيَّنُوهُ قُلْت: لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ حَوْزَ

الصفحة 287