كتاب جريدة «الشريعة» النبوية المحمدية (اسم الجزء: 5)

____________________________________________________
………………………… السنة الأولى / العدد الخامس …………………………
قسنطينة يوم الاثنين 22 ربيع الثاني 1352 … Constantine le 14 juillet 1933
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ[عمود1]ـ
في مجلس حجاج
بقلم الأستاذ ألزاهري العضو الإداري لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

أخبرني وجيه من الوجهاء في صحراء وهران وكان لي صديقا حميما قد رزقه الله بسطة في الفهم والجسم وآتاه سعة من المال, أنه سافر إلى الأماكن المقدسة فأدى فريضة الحج فيمن حج من الجزائريين هذا العام. فلما قضوا مناسكهم ورجعوا إلى أهليهم رجع هو منشرح الصدر وقلبه مطمئن بالإيمان, وجاءه الناس يهنئونه ويسلمون عليه ويطلبون دعاءه الصالح ويلتمسون منه البركة والخير. قال: وسهر عندي كثير من الناس ذات ليلة أحييتها لهم بمناسبة مقدمي من الحجاز وكان أكثرهم حجاجا قدماء وجددا حجوا هذا العام. وطفقوا يتحدثون ويتسامرون, فقال أحد الحجاج القدماء: ليس ينفع الإنسان شيء كعمله الصالح. ففلان هذا (وأشار إلى صاحب الدار) كان لا يساوي أن يقال له سي فلان, أما اليوم وقد عمل صالحا وحج إلى البيت العتيق فقد أصبح يقال له سيدي الحاج فلان. فرد عليه رجل غير ((حاج))

ـ[عمود2]ـ
من الحاضرين وقال: من حج فإنما حج لنفسه لا للناس, فلا ينبغي أن نمدحه على ذلك وما دمنا لا نقول للذي يحافظ على الصلوات يا سيدي المصلي فإنه ينبغي لنا أن لا نقول لمن حج يا سيدي الحاج. وأنا سمعت الشيخ عبد الحميد بن باديس عندما زارنا في الصيف الماضي رئيسا لوفد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين يقول لأصحابه ولتلامذته لا تقولوا لي يا سيدي الحاج عبد الحميد فتلك فريضة مكتوبة قد أديناها ولا مزية لنا فيها. فقال الحاج: أما أن الحاج يحج لنفسه هذ فا حق وأما أننا لا ينبغي لنا أن نقول للحاج يا سيدي الحاج كما لا نقول للمصلي يا سيدي المصلي فهذا غير حق بل الواجب أن نثني على الحاج ونقول له يا سيدي الحاج, ونثني على المصلي ونشيد بذكره ونحترمه في غيبته ومشهده كما أن من الواجب أيضا أن ننكر على تارك الصلاة وننهاه عن المنكر ونأمره بالمعروف وأي منكر أشنع من ترك

ـ[عمود3]ـ
الصلاة وأي معروف أحسن من المحافظة على الصلوات. ينبغي أن نذكر التقي الصالح بصلاحه وتقواه عسى أن يقتدي به المسلمون وأن نذكر الضال الفاجر بضلاله وفجوره حتى لا يغتر به الناس. وأما أنك سمعت الشيخ عبد الحميد بن باديس ينهي أصحابه أن ينادوه ياسيدي الحاج فهو من تواضعه ومروءته وكمال أخلاقه على أننا سمعنا جميعا الزاهري يذكر أمام الشيخ بن باديس حكاية تاجر قد دهن دكانه بدهن فاخر وكتب فوق الباب اسمه وعنوانه بالحرف العريض. وما هي إلا أيام حتى سافر حاجا مع الحجاج فلما رجع قام إلى هذا الدكان فدهنه مرة أخرى بدهن فاخر أفضل من الدهن الأول الذي لا يزال لامعا مشرقا بعد, لا لشيء إلا أنه زاد في اسمه كلمة ((الحاج))! وقد استعذب الزاهري حكاية هذا الرجل ووافقه على استحسانها الشيخ باديس. وما دمنا لا نأمر بالمعروف, ولا ننهى عن المنكر ولا نعمل الخير وندعو إليه ولا نترك الشر ونحذر منه ولا نقول للمحق أنت محق وللمبطل أنت مبطل وللمحسن أحسنت وللمسيء أسأت فإنه لا يستقيم لنا أمر ولا يصلح لنا حال. على أن

الصفحة 1