كتاب جريدة «الشريعة» النبوية المحمدية (اسم الجزء: 5)
_____
الصفحة 8
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ[عمود:1]ـ
والطعام طاهر فما على الآكلين من حرج, ثم لما كان كل أمر يهتم به شرعا أو عقلا يستدعي أنواعا من العملة البارعين كل في فنه, كنت أنا من بين هؤلاء كمفتش أمين على ما استخلصه الباحثون العظماء والعاملون المخلصون العلماء من صفوة الدين الحنيف ولب سنة المصطفى عليه السلام التي حماها أصحابه ومن تبعهم بإحسان من كل داس يحاول تخليطها أو غاش يريد التغليط بها.
لذلك تأسيا بأولئك المشهود لهم بالفضل والصلاح في البوادي والأمصار أجدني مقهورا ومدفوعا للقيام ببعض ما يسر الله علي في دفع أخلاط المنافقين, فقمت طائفا بروحي مرة وبذاتي مرة أخرى وبعد البحث المدقق ثبت لدي ثبوتا لا يحتمل الشك أن ليس تحت سماء الجزائر أو العالم الإسلامي بل العالم بأسره من سعى سعيه وبذل جهده وأنفق عرضه وماله في سبيل تكدير ذلك الصفو وقتل الحركة العلمية الدينية البحتة الخالصة الجزائرية رغم أنف كل من حاول إلصاق السياسة بها إلا شرذمة قليلة كادت أن تنحصر في أفراد معروفين يعدون على الأكارع وحملوا على هذه الأمة المحمدية سلاح التخليط وغشوها بأنواع التغليط حتى خرجوا عن حظيرة الإسلام وهم لا يشعرون أو شعروا واشتروا الضلالة بالهدى. ثم إذا حكمت عليهم بالخروج عن حظيرة الإسلام فلأن الشرع قبلي قد حكم عليهم بذلك جزاء محاربتهم لله ولرسوله (((إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم))) وقال صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا ومن غشنا فليس منا, ولا بد هنا أن تقوم قيامة من في قلوبهم مرض وتشتعل نيرانهم ثم ينبري هؤلاء المستأجرون عندهم للمجادلة عنهم كعادتهم في كل سانحة ويجعلون موضوع تغليطهم وتخليطهم كون المصلحين كفروهم أو ضللوهم أو فسقوهم وهم يعلمون أن المصلحين ما هم إلا هداة الله في الأرض يبينون للناس العقيدة
ـ[عمود2]ـ
التي لا يقبل الله منهم سواها ويحذرونهم من أنواع الردة والإشراك اللذين تنقض بهما تلك العقيدة بعد فرض سلامتها من شوائبها. وعليه فما معنى قولكم لنا أيها المشاغبون إنكم تكفرون وتفسقون وتضللون, لو لم يكن ما نقوله ونحن لم نسم شخصا معينا من أوصافكم ونعوتكم أومن أوصاف ونعوت الذين تجادلون عنهم بالباطل لما تألمتم لسماعه, ولكن (((ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا))).
إني أنصح (والدين النصيحة) لمن جعل نفسه وقفا للدفاع عن المبتدعين قبل أن يأتيه الموت (((فيقول ربي لولا أخرتني إلى أجل قريب فأتب وأكن من الصالحين والحالة لن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون))) إنكم والله قد آذيتم المؤمنين أيها المغرورون أو المأجورون (((والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا))) ولقد أشفقت عليكم علم الله إشفاقا بلغ مبلغ سوء ظنكم بالله والعباد, مع أني لا أستطيع أن أشفع لكم في حد من حدود الله عملا بقوله تعالى (((ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر))) واقتداء بسيد الوجود إذ أقسم عليه السلام (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) وعلى هذا فإذا أخذتني رأفة فإنما قصارى ما في استطاعتي أن أذكركم ما دمتم تشاركوننا بصفة الإيمان التي تستحقون بها علينا حق التذكير لأن الذكرى تنفع المؤمنين, ولكن أخوف ما أخاف عليكم أن تسلبوا من هذه النعمة العظيمة نعمة الإيمان فيمسكم عذاب من الرحمان فتكونوا للشيطان أولياء. وأخيرا إنني أقول لكم صراحة حتى لا أكون عندكم غادرا ولا عند الله داعيا إلى سبيله بدون حكمة إني حبيت فراسة صادقة تحل عقد التغليط حلا وتنشر دسائس التخليط نشرا وهي نعمة من الله عظيمة استوجبت شكرا عظيما, فما رأيت من عظيم أقوم به في مقابلة ذلك سوى مقاومة نعتين من العباد (التغليط والتخليط) بقدر جهدي واستطاعتي على أنني لا أقتصر على الوسيلة الواحدة كالكتابة مثلا بل هي من العشرات أو المئات من الأجزاء والحاصل أن لي من وسائل الحق والإخلاص بقدر ما للقوم من وسائل الباطل والنفاق وأزيدهم براحة القلب واطمئنان الخاطر لأنني محقق الأجر على العمل ومتيقن أيضا أنني صاحب العاقبة مهما طال الزمان واتسع المكان وكيف لا أتحقق الأجر وقول الله تعالى: (((ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون))) منطبع على فؤادي جار على لساني, وكيف لا أتيقن حسن العاقبة وقول الله تعالى: (((إن الله يدافع عن الذين أمنوا))) هو زادي وأنسي في السراء والضراء في حال أنني على مذهب من يقول أنا مؤمن حقا دون ذكر المشيئة إلا تبركا فإذا كان الله هو المدافع علي (وعرته) أنا الغالب سلفا. فأجمعوا (إن شئتم كيدكم ثم ائتوا صفا ودسوا للإسلام ما قدرتم, وشنوا على المسلمين ما استطعتم فمالكم إلا الخزي في الدنيا وفي الآخرة العذاب العظيم.
ثم إن هذه السطور حررتها على جناح السرعة كمقدمة إنذار لكم عساكم عن غيكم ترعوون ومن ضلالكم بل وإضلالكم تتوبون ولا عيب مع هذا إذا تبتم وأنبتم فإن الرجوع إلى الحق حق والتوبة من هدي رسولكم قولا وعملا إذ كان يتوب إلى الله في اليوم مائة مرة وإلا فما علي إلا الإعلان بالنصيحة لكم مرارا وتكرارا وقد فعلت وهذه الآخرة. فإن أصررتم فلا تلوموا أحدا ولوموا أنفسكم فإن جميع ما أخفيتم سيراه العام والخاص في قالب التصريح بعين الرأس وكل ما أسررتم سيسمعه جنس الإنسان ,الطيب منه والقبيح بآذان الحس والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين والحمد لله رب العالمين.
الفتى القبائلي عضو بالجمعية.
•·•·•
المطبعة الجزائرية الإسلامية - بقسنطينة
الصفحة 8
8