كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَتْرُكَاهُ لِلْغَاصِبِ وَيَأْخُذَا الطَّعَامَ الْمُخْتَلَطَ عَلَى التَّسَاوِي وَلَا عَلَى الْقِيمَةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ خَلَطَ زَيْتًا بِسَمْنٍ أَوْ سَمْنَ بَقَرٍ بِسَمْنِ غَنَمٍ يَضْمَنُ مَا ضَاعَ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ وَلَوْ خَلَطَ نَوْعًا وَاحِدًا كَزَيْتٍ بِزَيْتٍ أَوْ سَمْنًا بِعَسَلٍ أَوْ بِزَيْتٍ أَوْ سَمْنًا بِسَمْنٍ فَضَاعَ بَعْضُهُ ضَمِنَ مَا ضَاعَ وَمَا بَقِيَ وَلِصَاحِبَيْ ذَلِكَ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ بِشَطْرَيْنِ أَوْ يَدَعَاهُ وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ كَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ فَلَهُمَا أَنْ يَصْطَلِحَا فِيهِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ كَانَ أَحَدُهُمَا بَاعَ ثُلُثَ سَمْنِهِ بِثُلُثَيْ عَسَلِ صَاحِبِهِ قَالَ ذَلِكَ أَشْهَبُ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ خَلْطَ النَّوْعِ الْوَاحِدِ جِنَايَةٌ عَلَى مَنْ خَلَطَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ لَا سِيَّمَا أَنَّ التَّسَاوِيَ الْمُحَقَّقَ فِي الْأَغْلَبِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فَلِذَلِكَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ فَإِذَا كَانَ مِمَّا لَا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا التَّفَاضُلُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ عِنْدَ أَشْهَبَ إلَّا عَلَى التَّسَاوِي؛ لِأَنَّ التَّفَاضُلَ يَحْرُمُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَا مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ جَازَ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ عَلَى مَا يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّفَاضُلَ فِيهِمَا غَيْرُ مَمْنُوعٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ فِي مِثْلِ هَذَا.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَمَّا مَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِيمَنْ خَلَطَ جَوْزَ رَجُلٍ بِحِنْطَةِ آخَرَ: إنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِ ذَلِكَ بِلَا مَضَرَّةٍ عَلَى الْقَمْحِ وَالْجَوْزِ قَالَ: وَكَذَلِكَ خَلْطُ الْجَوْزِ بِالرُّمَّانِ وَالرُّمَّانِ بِالْأُتْرُجِّ وَالتُّفَّاحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَلْطُهُمَا يُفْسِدُ أَحَدَهُمَا فَيَضْمَنُ الَّذِي يَفْسُدُ بِالْخَلْطِ، وَإِنْ كَانَ يَفْسُدَانِ بِذَلِكَ ضَمِنَهُمَا، وَلَوْ تَلِفَا قَبْلَ الْفَسَادِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: كَيْفَ يَضْمَنُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْسُدَا، وَالْخَلْطُ لَيْسَ بِمُوجِبٍ لِلضَّمَانِ، وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ الْفَسَادُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ غَصَبَ قَمْحًا فَطَحَنَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: عَلَيْهِ مِثْلُهُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ فِي غَيْرِهَا: يَأْخُذُ صَاحِبُ الْقَمْحِ دَقِيقَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي طَحِينِهِ وَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا مُخَالِفٌ لِأَصْلِ أَشْهَبَ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ: إنَّ الْغَاصِبَ إذَا صَنَعَ فِيمَا غَصَبَ صِنَاعَةً لَمْ يَكُنْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ إلَّا بِأَنْ يَدْفَعَ إلَى الْغَاصِبِ قِيمَةَ تِلْكَ الصِّنَاعَةِ، وَإِلَّا ضَمَّنَهُ مَا غَصَبَهُ إيَّاهُ فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا صَبَغَهُ الْغَاصِبُ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ صَبْغِهِ أَوْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ فَكَذَلِكَ يَدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةَ صِنَاعَتِهِ أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ مِثْلَ مَا لَهُ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّهَا حِنْطَةٌ وَدَرَاهِمُ بِدَقِيقٍ وَلَا يَجُوزُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ وَأَشْهَبُ يَقُولُ: إنَّ مَا يَصْنَعَهُ الْغَاصِبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَبْطُلُ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ وَلَا يُعْطِيهِ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَيَأْخُذَ الْحِنْطَةَ وَلَا يُعْطِيهِ قِيمَةَ الطَّحْنِ.
وَاتَّفَقَا فِي الْمَجْمُوعَةِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ غَصَبَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا سَوِيقًا وَلَتَّهُ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَخْذُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ مَالٌ بِيعَ السَّوِيقُ فَاشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهِ مِثْلَ الْحِنْطَةِ فَمَا فَضَلَ فَلِلْغَاصِبِ وَمَا نَقَصَ اتَّبَعَ بِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّوْبُ يُصْبَغُ وَالثَّوْبُ يُقْطَعُ وَالْعَمُودُ يَدْخُلُ فِي الْبُنْيَانِ؛ لِأَنَّ اسْمَ ذَلِكَ قَائِمٌ بَعْدُ، وَاسْمُ الْقَمْحِ قَدْ زَالَ وَانْتَقَلَ إلَى اسْمِ السَّوِيقِ قَالَ سَحْنُونٌ: كُلُّ مَا غُيِّرَ حَتَّى يَصِيرَ لَهُ اسْمٌ غَيْرَ اسْمِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَهُوَ فَوْتٌ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونَ أَنَّ لِرَبِّ الْحِنْطَةِ أَنْ يَأْخُذَهَا إذَا طَحَنَهَا الْغَاصِبُ سَوِيقًا أَوْ يُضَمِّنَهُ مِثْلَهَا وَلَا حُجَّةَ لِلْغَاصِبِ فِي الصَّنْعَةِ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» وَاتَّفَقَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَجَعَلَهُ ظِهَارَةً أَوْ بِطَانَةً لِجُبَّةٍ أَوْ جَعَلَهُ قَلَانِسَ فَإِنَّ لِرَبِّهِ فَتْقَهُ وَأَخْذَهُ أَوْ أَخْذَ قِيمَتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عِنْدَ أَشْهَبَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ اسْمِهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ صِنَاعَةٍ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ قِيمَتُهَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ غَصَبَ عَمُودًا أَوْ خَشَبَةً فَأَدْخَلَهَا فِي بُنْيَانِهِ فَإِنَّ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْخُذَهَا، وَإِنْ خَرِبَ الْبُنْيَانُ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ عَمِلَ الْخَشَبَةَ بَابًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُعِيدَهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ قَدْ انْتَقَلَ عَنْ اسْمِ الْخَشَبَةِ إلَى اسْمِ الْبَابِ، وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْبَابِ دُونَ غُرْمِ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ وَلَا أَنْ يَأْخُذَهُ، وَيَدْفَعَ قِيمَةَ الصَّنْعَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَالَ إلَى غَيْرِ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَالَ: وَكَذَلِكَ
الصفحة 277
290