كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحِنْطَةُ تُتَّخَذُ خُبْزًا وَالْجِلْدُ خِفَافًا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ غَصَبَ فِضَّةً فَصَاغَهَا حُلِيًّا أَوْ ضَرَبَهَا دَرَاهِمَ أَوْ غَصَبَ دَرَاهِمَ فَصَاغَهَا حُلِيًّا أَوْ غَصَبَ حُلِيًّا فَكَسَرَهُ وَصَاغَ مِنْهُ حُلِيًّا آخَرَ يُخَالِفُهُ أَوْ نُحَاسًا فَصَنَعَ مِنْهُ آنِيَةً أَوْ حَدِيدًا فَصَنَعَ مِنْهُ سُيُوفًا أَوْ آنِيَةً فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ هَذَا أَخْذُ ذَلِكَ وَلَهُ مِثْلُ وَزْنِ فِضَّتِهِ وَنُحَاسِهِ وَحَدِيدِهِ وَمِثْلُ دَرَاهِمِهِ وَقِيمَةُ الْحُلِيِّ قَالَ أَشْهَبُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ الصَّنْعَةِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْفِضَّتَيْنِ وَلَا أَنْ يَذْهَبَ بِصَنْعَتِهِ بَاطِلًا وَلَيْسَ كَالْحِنْطَةِ يَطْحَنُهَا سَوِيقًا؛ لِأَنَّ التَّفَاضُلَ بَيْنَ الْحِنْطَةِ وَالسَّوِيقِ، وَإِنْ لَمْ يُلَتَّ جَائِزٌ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي السَّوِيقِ مَا يَجِبُ أَنْ يَتَفَاضَلَ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونَ فِيمَنْ غَصَبَ فِضَّةً فَصَاغَهَا حُلِيًّا أَنَّ لِرَبِّهَا أَخْذَهَا أَوْ يُضَمِّنَهُ مِثْلَ فِضَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِعَمَلِ ظَالِمٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُمْكِنُ رَدُّهَا إلَى مَا كَانَتْ مَعَهُ عَلَيْهِ كَالْجِذْعِ وَالْحَجَرِ يَدْخُلُ فِي الْبُنْيَانِ وَهَذَا يُخَالِفُ صَبْغَ الثَّوْبِ وَطَحْنَ الْقَمْحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَادَ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَهْلِكُ مِنْ أَحَدِهِمَا مَجْهُولَ الْعَدَدِ لَزِمَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْمِثْلِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْوَزْنِ لَا يَكَادُ يُسْلَمُ فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ وَالْوَرِقَيْنِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ بِاتِّفَاقٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ غَصَبَ كَتَّانًا مَغْزُولًا أَوْ مَنْقُوشًا فَغَزَلَهُ ثُمَّ نَسَجَهُ ثَوْبًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ الْكَتَّانِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ اسْتِهْلَاكِهِ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: عَلَيْهِ قِيمَةُ الْغَزْلِ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عِنْدَ أَشْهَبَ قَدْ انْتَقَلَ إلَى اسْمٍ آخَرَ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَدْ انْتَقَلَ إلَى جِنْسٍ آخَرَ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا غَصَبَهُ مَعَ النَّسَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ وَجَدَ طَعَامَهُ بِغَيْرِ بِلَادِ الْغَصْبِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِهِ وَأَخْذِ مِثْلِهِ فِي مَوْضِعِ الْغَصْبِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا أَعْرِفُ قَوْلَ أَشْهَبَ هَذَا، وَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُهُ بِمِثْلِهِ فِي مَوْضِعِ الْغَصْبِ، وَكَذَلِكَ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ أَشْهَبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ، وَكُلُّ مَا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ قَالَ أَصْبَغُ: إنْ كَانَ الْبَلَدُ الْبَعِيدُ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا كَبَعْضِ الْأَرْيَافِ وَالْقُرَى وَيَحْمِلُ عَلَى الظَّالِمِ بَعْضَ الْحَمْلِ وَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ نَقْلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ إمَّا أَنْ يَكُونَ زِيَادَةٌ لَا غِبْنَ لَهَا فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صَاحِبَ الْحَقِّ مِنْ أَخْذِهِ حَقِّهِ، وَقَدْ وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ أَوْ يَكُونُ نَقْصًا فِي الصِّفَةِ فَقَدْ رَضِيَ بِهَا وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْحَمْلَ زِيَادَةٌ فِي الطَّعَامِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطَى عَنْهَا عِوَضًا لِمَا يَدْخُلُ ذَلِكَ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ بِالنَّقْلِ وَاَلَّذِي نَقَلَ وَلِذَلِكَ يُجْبَرُ صَاحِبُ الطَّعَامِ فِيهِمَا وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا الْمُسَامَحَةُ بِقَدْرِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْقِيمَةُ، وَإِذَا اخْتَارَهَا صَاحِبُ الطَّعَامِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فَلَا يَرْفَعُ الطَّعَامَ الْمَنْقُولَ إلَى الْغَاصِبِ حَتَّى يَتَوَثَّقَ مِنْهُ قَالَ أَشْهَبُ: يُحَالُ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَبَيْنَ الطَّعَامِ حَتَّى يُوَفَّى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ حَقَّهُ وَقَالَ أَصْبَغُ: يَتَوَثَّقُ لَهُ بِحَقِّهِ قَبْلَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ أَتْلَفَ عَسَلًا أَوْ سَمْنًا بِبَلَدٍ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ مِثْلَهُ فَقَدْ حَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِمِثْلِهِ، وَلَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ قِيمَتَهُ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَمْرٍ يَجُوزُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: رَبُّ الطَّعَامِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ صَبَرَ وَأَلْزَمَهُ الْمِثْلَ يَأْتِي بِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَلْزَمَهُ الْقِيمَةَ الْآنَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: اُخْتُلِفَ فِي هَذَا كَمَا اُخْتُلِفَ فِي الْفَاكِهَةِ يُسْلَمُ فِيهَا فَيَنْقَضِي إبَّانُهَا وَقَدْ بَقِيَ بَعْضُهَا فَالصَّبْرُ حَتَّى يُؤْتِيَ بِالطَّعَامِ مِنْ هَذَا خَيْرٌ كَالصَّبْرِ حَتَّى يَأْتِيَ إبَّانُ الثَّمَرَةِ إلَى قَابِلٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَلْزَمُ الطَّالِبَ التَّأْخِيرُ فِيهِمَا.
وَقَالَ أَشْهَبُ يَرُدُّ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ فِي السَّلَمِ وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ، وَقَالَ فِي الطَّعَامِ: يَأْخُذُ قِيمَةَ الطَّعَامِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَ وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ ذَلِكَ عَلَى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ الْأَمْرُ الْقَرِيبُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مِثْلُ طَعَامِهِ يَأْتِيهِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ فِي تَأْخِيرِهِ

الصفحة 278