كتاب المنتقى شرح الموطإ (اسم الجزء: 5)

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنْ لَا تُبَاعَ الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ، وَلَا التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَلَا الْحِنْطَةُ بِالتَّمْرِ، وَلَا التَّمْرُ بِالزَّبِيبِ، وَلَا الْحِنْطَةُ بِالزَّبِيبِ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ كُلِّهِ إلَّا يَدًا بِيَدٍ فَإِنْ دَخَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلُ لَمْ يَصْلُحْ، وَكَانَ حَرَامًا، وَلَا شَيْءَ مِنْ الْأُدُمِ كُلِّهَا إلَّا يَدًا بِيَدٍ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ وَالْأُدُمِ إذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ فَلَا يُبَاعُ مُدُّ حِنْطَةٍ بِمُدَّيْ حِنْطَةٍ، وَلَا مُدُّ تَمْرٍ بِمُدَّيْ تَمْرٍ، وَلَا مُدُّ زَبِيبٍ بِمُدَّيْ زَبِيبٍ، وَلَا مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْأُدْمِ كُلِّهَا إذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ إنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ، وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ لَا يَحِلُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْفَضْلُ، وَلَا يَحِلُّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّعِيرَ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ السُّلْتُ عَنْد مَالِكٍ لَك هُوَ مِنْ جِنْسِهِمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ هِيَ أَجْنَاسٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ حَرُمَ فِيهَا التَّفَاضُلُ وَدَلِيلُنَا أَيْضًا أَنَّهُ مُقْتَاتٌ تَسَاوَتْ مَنْفَعَتُهُ فَوَجَبَ أَنَّهُ يَحْرُمُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَمَا لَوْ كَانَ بُرًّا كُلَّهُ أَوْ شَعِيرًا كُلَّهُ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْعَلَسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الزَّكَاةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الذُّرَةُ وَالدُّخْنُ وَالْأَرُزُّ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا وَرَوَى زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ قَالَ الذُّرَةُ وَالدُّخْنُ وَالْأَرُزُّ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِمَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ انْفِصَالُ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ فِي الْمَنْبَتِ، وَالْمَحْصَدِ، وَوَجْهٌ ثَانٍ، وَهُوَ اخْتِصَاصُ بَعْضِ الْبِلَادِ بِاِتِّخَاذِ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ مَنَافِعِهَا، وَأَنَّ بَعْضَهَا لَا يَسْتَحِيلُ إلَى بَعْضٍ، وَإِنَّمَا يَسْتَدِلُّ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ بِعُمُومِ الِاتِّخَاذِ لَهُمَا كَالشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ، وَاسْتِحَالَةِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ كَالْحِنْطَةِ وَالسُّلْتِ، وَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ تَقَارُبُ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْقُطْنِيَّةُ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهَا فَمَرَّةً قَالَ إنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا، وَمَرَّةً قَالَ هِيَ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَاللَّيْثُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي لِاخْتِلَافِهَا فِي الصُّورَةِ وَالْمَنَافِعِ، وَعَدَمِ اسْتِحَالَةِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ، وَاخْتِصَاصِ بَعْضِ الْبِلَادِ بِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ.

(فَصْلٌ) وَقَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِك طَعَامًا يَقْتَضِي أَنَّ مُطْلَقَ اسْمِ الطَّعَامِ عِنْدَهُمْ كَانَ يَقْتَضِي الْحِنْطَةَ، وَأَتَى بِذَلِكَ بَعْدَ ذِكْرِ الطَّعَامِ لِتَغَايُرِ الْأَسْمَاءِ، وَقَوْلُهُ وَقَوْلُ سَعْدٍ وَقَوْلُ ابْنَ مُعَيْقِيبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا تَأْخُذْ الْأَمْثِلَةَ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَلَا يُعْلَمْ لَهُمَا فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا، وَلَيْسَ بِالثَّابِتِ مَعَ مَا يَحْتَمِلُ مِنْ التَّأْوِيلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنْ لَا تُبَاعَ الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ، وَلَا التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَلَا الْحِنْطَةُ بِالتَّمْرِ، وَلَا التَّمْرُ بِالزَّبِيبِ، وَلَا الْحِنْطَةُ بِالزَّبِيبِ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ كُلِّهِ إلَّا يَدًا بِيَدٍ فَإِنْ دَخَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلُ لَمْ يَصْلُحْ، وَكَانَ حَرَامًا، وَلَا شَيْءَ مِنْ الْأُدُمِ كُلِّهَا إلَّا يَدًا بِيَدٍ) .
(ش) :، وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ مَطْعُومٌ بِمَطْعُومٍ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِ جِنْسِهِ إلَّا يَدًا بِيَدٍ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مَطْعُومٌ فَلَمْ يَجُزْ فِيهِ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَصْلُ ذَلِكَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ فَإِنْ قِيلَ لِمَ اخْتَصَّ تَحْرِيمَ التَّفَاضُلِ بِالْمُقْتَاتِ، وَكَانَ تَحْرِيمُ تَأْخِيرِ الْقَبْضِ فِي جَمِيعِ الْمَطْعُومِ فَالْجَوَابُ أَنَّ تَأْخِيرَ الْقَبْضِ أَوْسَعُ بَابًا فِي الْمَنْعِ مِنْ التَّفَاضُلِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ التَّفَاضُلِ يَخْتَصُّ بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ، وَتَأْخِيرَ التَّقَابُضِ يَتَعَلَّقُ بِالْجِنْسَيْنِ، وَلِذَلِكَ جَازَ التَّفَاضُلُ بَيْنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَمْ يَجُزْ فِيهِمَا التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَكَذَلِكَ الْمَنْعُ مِنْ الْبَيْعِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَعَمُّ مِنْ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي مَبِيعِ جُمْلَةٍ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا يُنْقَلُ، وَيُحَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمَا مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنَّ مَا كَانَ شَيْئًا وَاحِدًا مِنْ الطَّعَامِ يُرِيدُ بِهِ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ، وَفِي هَذَا بَابَانِ أَحَدُهُمَا فِي تَبْيِينِ مَعْنَى الْجِنْسِ، وَالثَّانِي فِي تَبْيِينِ مَعْنَى الْمُمَاثَلَةِ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْجِنْسَ تَارَةً يَكُونُ جِنْسًا مُنْفَرِدًا مِنْ الْأَصْلِ يُفَارِقُ غَيْرَهُ مِنْ

الصفحة 3