كتاب صحيح البخاري - ط الشعب (اسم الجزء: 5)

لَقَدْ أَعْطَاكُمُوهَا , وَقَسَمَهَا فِيكُمْ , حَتَّى بَقِيَ هَذَا المَالُ مِنْهَا ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا المَالِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ , فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللهِ ، فَعَمِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاتَهُ ، ثُمَّ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَبَضَهُ أَبُو بَكْرٍ , فَعَمِلَ فِيهِ بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ ، وَعَبَّاسٍ , وَقَالَ : تَذْكُرَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَمِلَ فِيهِ كَمَا تَقُولاَنِ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهِ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ؟ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ ، فَقُلْتُ : أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبِي بَكْرٍ , فَقَبَضْتُهُ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي , أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَبُو بَكْرٍ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهِ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ؟ ثُمَّ جِئْتُمَانِي كِلاَكُمَا ، وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ , وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ ، فَجِئْتَنِي ، يَعْنِي عَبَّاسًا ، فَقُلْتُ لَكُمَا : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ , فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا , قُلْتُ : إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا ، عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ , لَتَعْمَلاَنِ فِيهِ بِمَا عَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَبُو بَكْرٍ , وَمَا عَمِلْتُ فِيهِ مُذْ وَلِيتُ ، وَإِلاَّ فَلاَ تُكَلِّمَانِي ، فَقُلْتُمَا : ادْفَعْهُ إِلَيْنَا بِذَلِكَ ، فَدَفَعْتُهُ إِلَيْكُمَا ، أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ ، فَوَاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ ، لاَ أَقْضِي فِيهِ بِقَضَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهُ , فَادْفَعَا إِلَيَّ , فَأَنَا أَكْفِيكُمَاهُ.

الصفحة 114