كتاب صحيح البخاري - ط الشعب (اسم الجزء: 5)

وَأَمَّا نَوَاحِي المَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ لاَ يَدْرُونَ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ ، وَهُمْ يَقُولُونَ : سُبْحَانَ اللهِ ، فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَلاَةً خَفِيفَةً ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا , قَالَ : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي ، فَجَالَ سَاعَةً , ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : غُلاَمُ المُغِيرَةِ ، قَالَ : الصَّنَعُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : قَاتَلَهُ اللَّهُ ، لَقَدْ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا ، الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مِيتَتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ ، قَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ العُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ ، وَكَانَ العَبَّاسُ أَكْثَرَهُمْ رَقِيقًا ، فَقَالَ : إِنْ شِئْتَ فَعَلْتُ ، أَيْ : إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَا ؟ قَالَ : كَذَبْتَ بَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ ، وَصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ ، وَحَجُّوا حَجَّكُمْ , فَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ , فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ ، وَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ ، فَقَائِلٌ يَقُولُ : لاَ بَأْسَ ، وَقَائِلٌ يَقُولُ : أَخَافُ عَلَيْهِ ، فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ ، فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ ، ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ , فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ ، وَجَاءَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ ، وَجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ ، فَقَالَ : أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللهِ لَكَ ، مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدَمٍ فِي الإِسْلاَمِ مَا قَدْ عَلِمْتَ ، ثُمَّ وُلِّيتَ فَعَدَلْتَ ، ثُمَّ شَهَادَةٌ ، قَالَ : وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافٌ لاَ عَلَيَّ وَلاَ لِي ، فَلَمَّا أَدْبَرَ , إِذَا إِزَارُهُ يَمَسُّ الأَرْضَ ، قَالَ : رُدُّوا عَلَيَّ الغُلاَمَ ، قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي , ارْفَعْ ثَوْبَكَ ، فَإِنَّهُ أَبْقَى لِثَوْبِكَ ، وَأَتْقَى لِرَبِّكَ , يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ، انْظُرْ مَا عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ ، فَحَسَبُوهُ , فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا , أَوْ نَحْوَهُ ، قَالَ : إِنْ وَفَى لَهُ مَالُ آلِ عُمَرَ فَأَدِّهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ، وَإِلاَّ فَسَلْ فِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ ، فَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ , فَسَلْ فِي قُرَيْشٍ ، وَلاَ تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ ، فَأَدِّ عَنِّي هَذَا المَالَ ,

الصفحة 20