كتاب صحيح البخاري - ط الشعب (اسم الجزء: 5)

2- بَابُ ذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُقْتَلُ بِبَدْرٍ.
3950- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , حَدَّثَ عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ صَدِيقًا لأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا مَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ ، وَكَانَ سَعْدٌ إِذَا مَرَّ بِمَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ , انْطَلَقَ سَعْدٌ مُعْتَمِرًا ، فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بِمَكَّةَ ، فَقَالَ لأُمَيَّةَ : انْظُرْ لِي سَاعَةَ خَلْوَةٍ لَعَلِّي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ ، فَخَرَجَ بِهِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ ، فَلَقِيَهُمَا أَبُو جَهْلٍ ، فَقَالَ : يَا أَبَا صَفْوَانَ ، مَنْ هَذَا مَعَكَ ؟ فَقَالَ : هَذَا سَعْدٌ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ : أَلاَ أَرَاكَ تَطُوفُ بِمَكَّةَ آمِنًا ، وَقَدْ أَوَيْتُمُ الصُّبَاةَ ، وَزَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَنْصُرُونَهُمْ وَتُعِينُونَهُمْ ، أَمَا وَاللهِ لَوْلاَ أَنَّكَ مَعَ أَبِي صَفْوَانَ , مَا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ سَالِمًا ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ , وَرَفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ : أَمَا وَاللهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي هَذَا , لأَمْنَعَنَّكَ مَا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْهُ ، طَرِيقَكَ عَلَى المَدِينَةِ ، فَقَالَ لَهُ أُمَيَّةُ : لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ يَا سَعْدُ عَلَى أَبِي الحَكَمِ ، سَيِّدِ أَهْلِ الوَادِي ، فَقَالَ سَعْدٌ : دَعْنَا عَنْكَ يَا أُمَيَّةُ ، فَوَاللهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّهُمْ قَاتِلُوكَ ، قَالَ : بِمَكَّةَ ؟ قَالَ : لاَ أَدْرِي ، فَفَزِعَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ فَزَعًا شَدِيدًا ، فَلَمَّا رَجَعَ أُمَيَّةُ إِلَى أَهْلِهِ ، قَالَ : يَا أُمَّ صَفْوَانَ ، أَلَمْ تَرَيْ مَا قَالَ لِي سَعْدٌ ؟ قَالَتْ : وَمَا قَالَ لَكَ ؟ قَالَ : زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ قَاتِلِيَّ ، فَقُلْتُ لَهُ : بِمَكَّةَ ، قَالَ : لاَ أَدْرِي ، فَقَالَ أُمَيَّةُ : وَاللهِ لاَ أَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ , اسْتَنْفَرَ أَبُو جَهْلٍ النَّاسَ ، قَالَ : أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ ؟ فَكَرِهَ أُمَيَّةُ أَنْ يَخْرُجَ ، فَأَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ , فَقَالَ : يَا أَبَا صَفْوَانَ ، إِنَّكَ مَتَى مَا يَرَاكَ النَّاسُ قَدْ تَخَلَّفْتَ ، وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الوَادِي , تَخَلَّفُوا مَعَكَ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُو جَهْلٍ , حَتَّى قَالَ : أَمَّا إِذْ غَلَبْتَنِي ، فَوَاللهِ لأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ ، ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ : يَا أُمَّ صَفْوَانَ جَهِّزِينِي ، فَقَالَتْ لَهُ : يَا أَبَا صَفْوَانَ ، وَقَدْ نَسِيتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ اليَثْرِبِيُّ ؟ قَالَ : مَا أُرِيدُ أَنْ أَجُوزَ مَعَهُمْ إِلاَّ قَرِيبًا ، فَلَمَّا خَرَجَ أُمَيَّةُ , أَخَذَ لاَ يَتْرُكُ مَنْزِلاً إِلاَّ عَقَلَ بَعِيرَهُ ، فَلَمْ يَزَلْ بِذَلِكَ , حَتَّى قَتَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِبَدْرٍ.

الصفحة 91