كتاب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (اسم الجزء: 5)

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَدَرَاهِمُ ثَلَاثَةٌ) يَعْنِي إذَا قَالَ عَلَيَّ دَرَاهِمُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ الصَّحِيحِ فَصَارَ مُتَيَقَّنًا بِهِ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةٌ فَعَلَيْهِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ أَدْنَى الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ وَضِعْفَهَا سِتَّةٌ، وَلَوْ قَالَ دَرَاهِمُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ أَضْعَافًا لَفْظُ جَمْعٍ وَأَقَلَّهُ ثَلَاثَةٌ فَتَصِيرُ تِسْعَةً ثُمَّ بِالْمُضَاعَفَةِ تَصِيرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَكَذَا إذَا عَكَسَ بِأَنْ قَالَ: عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةً أَضْعَافًا؛ لِأَنَّهَا بِالْمُضَاعَفَةِ تَصِيرُ الثَّلَاثَةُ سِتَّةً ثُمَّ بِالْأَضْعَافِ وَهُوَ جَمْعٌ تَصِيرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ قَالَ كَذَا دِرْهَمًا دِرْهَمٌ)؛ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُبْهَمِ، وَذُكِرَ فِي التَّتِمَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ؛ لِأَنَّ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الْعَدَدِ وَأَقَلَّ الْعَدَدِ اثْنَانِ إذْ الْوَاحِدُ لَا يُعَدُّ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ قِيلَ: يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ كَذَا يُذْكَرُ لِلْعَدَدِ عُرْفًا وَأَقَلُّ عَدَدٍ غَيْرِ مُرَكَّبٍ يُذْكَرُ بَعْدَهُ الدِّرْهَمُ بِالنَّصْبِ عِشْرُونَ، وَلَوْ ذُكِرَ بِالْخَفْضِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ يُذْكَرُ بَعْدَهُ الدِّرْهَمُ بِالْخَفْضِ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ: دِرْهَمٌ عَظِيمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ مَعْلُومُ الْقَدْرِ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَزْدَادُ قَدْرُهُ بِقَوْلِهِ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَهُ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ دُرَيْهِمٍ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ تَامٌّ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ قَدْ يُذْكَرُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ فَلَا يُنْقِصُ عَنْ الْوَزْنِ، وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْوَزْنُ الْمُعْتَادُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَكَذَا فِي الدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّ التَّعَامُلَ يَجْرِي عَلَى الْمُعْتَادِ عَادَةً فَلَا يُعْرَضُ عَنْهُ إلَّا بِحُجَّةٍ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(كَذَا كَذَا أَحَدَ عَشَرَ كَذَا، وَكَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، وَلَوْ ثَلَّثَ بِالْوَاوِ يُزَادُ مِائَةٌ، وَلَوْ رَبَّعَ زِيدَ أَلْفٌ)؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مُبْهَمَةٌ فَيَجِبُ حَمْلُهَا عَلَى نَظِيرِهَا مِنْ الْمُفَسَّرِ فَأَقَلُّ عَدَدَيْنِ يُذْكَرَانِ مِنْ غَيْرِ حَرْفِ عَطْفٍ بَيْنَهُمَا أَحَدَ عَشَرَ وَبِحَرْفِ عَطْفٍ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةُ أَعْدَادٍ بِحَرْفَيْ الْعَطْفِ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَةُ أَعْدَادٍ بِثَلَاثَةِ حُرُوفٍ أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ، وَلَوْ ثَلَّثَ بِلَا وَاوٍ يَجِبُ أَحَدَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ خَمَّسَ بِالْوَاوِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَشْرَةُ آلَافٍ، وَلَوْ سَدَّسَ يُزَادُ مِائَةُ أَلْفٍ، وَلَوْ سَبَّعَ يُزَادُ أَلْفُ أَلْفٍ وَعَلَى هَذَا كُلَّمَا زَادَ عَدَدًا مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ زِيدَ عَلَيْهِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى، وَلَوْ قَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَدِينَارًا فَعَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْأَصْلِ وَقَالَ الْإِمَامُ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْأَنْصَارِيُّ الْعُقَيْلِيُّ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْمِنْهَاجِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ مَا بَيَّنَهُ أَقُولُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ فِي هَذَا أَحَدَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعَدَدِ الَّذِي يَقَعُ مُمَيَّزُهُ مَنْصُوبًا هَكَذَا نُقِلَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدَّقَ فِي بَيَانِهِ بِدِرْهَمٍ وَالْقِيَاسُ فِيهِ مَا قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْأَسْرَارِ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ عِشْرُونَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ جُمْلَةً وَفَسَّرَهَا بِدِرْهَمٍ مَنْصُوبٍ، وَذَلِكَ يَكُونُ مِنْ عِشْرِينَ إلَى تِسْعِينَ فَيَجِبُ الْأَقَلُّ وَهُوَ عِشْرُونَ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي التَّتِمَّةِ) مُحَالًا إلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اهـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ قِيلَ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ) وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَكَمِ الْمَالِكِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ) أَيْ، وَإِنْ قَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُمَا وَاوَ الْعَطْفِ وَذَكَرَ الدِّرْهَمَ عَقِيبَهُمَا بِالْخَفْضِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ مِنْ الْعَدَدِ الْمُصَرَّحِ ثَلَاثُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ ثَلَاثًا عَدَدٌ وَمِائَةً عَدَدٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا حَرْفُ الْعَطْفِ وَيَسْتَقِيمُ ذِكْرُ الدِّرْهَمِ بِالْخَفْضِ عَقِيبَهُمَا. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْوَزْنُ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَزْنِ الْمُعْتَادِ أَيْ بَيْنَ النَّاسِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مِنْ الْأَلْفَاظِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ غَالِبُ نَقْدِ الْبَلَدِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ الرُّجُوعَ عَمَّا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ قَالَ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُ الْبَلَدِ مِنْ الْأَوْزَانِ أَوْ الْعَدَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مُتَعَارَفًا فَيُحْمَلُ عَلَى وَزْنِ سَبْعَةٍ فَإِنَّهُ الْوَزْنُ الْمُعْتَبَرُ فِي الشَّرْعِ، وَكَذَلِكَ فِي الدِّينَارِ يَعْتَبِرُونَ الْمَثَاقِيلَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ مُتَعَارَفٍ فِيهِ بِخِلَافِهِ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دُرَيْهِمٍ أَوْ دُنَيْنِيرٌ فَعَلَيْهِ الْإِتْمَامُ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ قَدْ يُذْكَرُ لِصِغَرِ الْحَجْمِ وَقَدْ يَكُونُ لِاسْتِحْقَارِ الدِّرْهَمِ وَقَدْ يَكُونُ لِخِفَّةِ الْوَزْنِ فَلَا يَنْقُصُ الْوَزْنُ بِالشَّكِّ، إلَى هُنَا لَفْظُ التُّحْفَةِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَدَدًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ وَزْنُ خَمْسَةٍ أَوْ وَزْنُ سِتَّةٍ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْهُ بِالْكُوفَةِ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى النُّقْصَانِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَزْنَهَا مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ، وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ، وَإِنْ كَانُوا فِي بِلَادٍ يَتَبَايَعُونَ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَالْوَزْنُ بَيْنَهُمْ يَنْقُصُ عَنْ سَبْعَةٍ صُدِّقَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ هُوَ عَلَى وَزْنِهِمْ وَلَا يُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى وَزْنًا دُونَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ مُخْتَلِفًا فَهُوَ عَلَى الْأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَافِي. اهـ. أَتْقَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ كَذَا كَذَا أَحَدَ عَشَرَ) وَالزِّيَادَةُ تَقِفُ عَلَى بَيَانِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ كَذَا كَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ) وَالزِّيَادَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَيَانِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ حَرْفِ عَطْفٍ بَيْنَهُمَا أَحَدَ عَشَرَ) أَيْ وَأَكْثَرُهُ تِسْعَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يُقَالُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ إلَّا أَنَّ الْأَقَلَّ يَلْزَمُهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَالزِّيَادَةُ تَقِفُ عَلَى بَيَانِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِحَرْفِ عَطْفٍ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ، وَإِنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَدْ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ مَعْطُوفًا أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَذَكَرَ عَقِيبَهُمَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ فَيُجْعَلُ عِبَارَةً عَنْ عَدَدَيْنِ مُصَرَّحَيْنِ بَيْنَهُمَا وَاوُ الْعَطْفِ يَسْتَقِيمُ ذِكْرُ الدِّرْهَمِ عَقِيبَهُمَا بِالنَّصْبِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَأَكْثَرُهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ إلَّا أَنَّ الْأَقَلَّ يَلْزَمُهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَالزِّيَادَةُ تَقِفُ عَلَى بَيَانِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ " كَذَا " عِبَارَةٌ عَنْ الدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ عَقِيبَ الْوَاحِدِ لَا يُذْكَرُ بِالنَّصْبِ وَإِنَّمَا يُذْكَرُ بِالرَّفْعِ فَيُقَالُ وَاحِدٌ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ اهـ

الصفحة 6