كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 5)

إنْ نَسي الفرد الإساءة وعفا عن المسيء مع المقدرة عليه فهذا من نبيل الأخلاق وكريم السلائق، ولكن إن نسيَت الأمة أنّ هذا الجُحر فيه ثعبان يلدغ وعادت فأدخلت يدها فيه مطمئنّة إليه فلا؛ لأن الرسول علّمنا «أن المؤمن لا يُلدَغ من جُحر مرّتين».
صلّى الله عليك يا سيدي يا رسول الله، فما تركتَ باب شرّ إلاّ حذّرتنا منه ولا طريق خير إلاّ أرشدتنا إليه. إنك المعلّم الأعظم، ولكن أكثرنا من أغبياء التلاميذ الذين لا تنفعهم عظمة المعلّمين. لقد طالما لُدغنا من الجُحر الواحد، لا مرتين اثنتين بل عشر مرات، ثم يعود أكثرنا ويمدّون أيديهم إليه!
إن يوم البرلمان واحد من أيام عهد ديغول فينا.
إحدى لياليكِ فهيسي هيسي ... لا تَنْعمي الليلةَ بالتّعريسِ
«شِنْشِنَة أعرِفُها من أخزم» ... كما يقول المثل، وجرعة سمّ من القارورة الكبيرة التي شربناها كلّها مرغَمين من أيدي قوم روسو ولامرتين، من الذين ثاروا ثورتهم الكبرى (زعموا) ليُقِرّوا في الأرض حقوق الإنسان وينشروا فيها السلم والأمان!
* * *
قبل أن أحدّثكم عن يوم الندوة، أي يوم المجلس النيابي (البرلمان) الذي كتبت عنه وعن أمثاله عشرات وعشرات من الصفحات، أستأذنكم أن أنقل إليكم فقرات من مقالة في مجلّة «الرسالة» (رحمة الله على صاحبها الزيات) عنوانها «كلمة إلى الجنرال ديغول» نُشرت في عدد الرسالة الذي صدر في الثامن

الصفحة 105