كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 5)

الأدبية والاجتماعية. أمّا والمقصود من هذا المقال النهضة الأدبية فلنقتصر عليها، تاركين البحث في السياسة والاجتماع لعلمائهما.
في شرق الأردن حياة أدبية جديدة لم يكن لنا عهد بها، فكان أوّل عمل قامت به الحكومة فتح المدارس الأميرية ... فتولّد من ذلك روح ويقظة جديدتان. كانت الحياة الأدبية قبل ذلك راكدة والنفوس فاترة، فلم تنبعث إلاّ بتأليف حكومة سموّ الأمير المعظم، عند ذلك دخلَت البلادَ فئةٌ راقية من أدباء الأقطار المجاورة، وخاصة سوريا، فكان دخول هذه الفئة البلاد باعثاً كبيراً على إحياء الأدب العربي وإحداث نهضة فكرية مبارَكة. فكان مثلاً لقصائد الشيخ فؤاد باشا الخطيب، شاعر الثورة، والأستاذ محمد الشريقي وغيرهما من الأدباء الذين رافقوا الثورة العربية أثر كبير في إحياء الآمال في نفوس الأحداث.
ثم بيّن أن الحكومة عملت أيضاً على إرسال البعثات العلمية سنوياً إلى الجامعة الأمريكية في بيروت وغيرها من المعاهد العالية في سوريا وفلسطين. وتنبّه الشعب الأردني إلى فضل الأدب والعلم في نهضات الشعوب ... كلّ ذلك كان يحدث بينما الصحافة المصرية تغذّي نفوس الأحداث بأدبها الراقي وعلمها الصحيح، ولا أبالغ إذا قلت إنه كان للرسالة خاصة أثر ملموس في إحياء النهضة الفكرية وتشجيع الحياة الأدبية، لإقبال الطلاب على مطالعتها إقبالاً شديداً.
إلى أن قال: ونحن نرى طلائع هذه العوامل في تكوين النهضة الأدبية في قيام فئة قليلة من حَمَلة الأقلام النثرية، كأديب

الصفحة 26