كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 5)

فتفضّلوا قولوا: هل هذا الذي أوصلتمونا إليه يحفظ علينا عفافنا أم هو يضيّعه علينا؟ هل يعمر بيوتنا أم يخربها على رؤوسنا؟ هل يُرضي ربّنا أم يُسخِطه علينا؟ هل يجعلنا أمة قوية أم هو يذهب بقوتنا؟
وإذا سلّمنا جدلاً بأن من الخير مشاركة الطالبات الطلاب في أفراح الجلاء، فهل يُشترط في هذه المشاركة أن يكشفن سيقانهن وأفخاذهن، وأن يُنتخب لذلك الجميلات منهن لا النابغات ولا الذكيات، وإذا لبسن الثياب الطويلة والجوارب الساترة أيبَطل رواء الاحتفاء وتَذهب بهجته؟ أم أنتم تريدون النظر إلى أفخاذهن بحُجّة المشاركة في أعياد الجلاء؟ وإذا حَسُن أن نقوّي بالرياضة أجساد الطالبات فهل يُشترط لهذه التقوية أن يختلطن بالرجال؟
لا والله. أحلفها يميناً غَموساً وأضعها في عنقي؛ إنكم لا تريدون الصحّة ولا الرياضة ولا المشاركة بالعيد، إنما تريدون التلذّذ بمرأى أجساد بناتنا باسم العيد والرياضة والصحّة. إنكم لصوص أعراض. ولكن ليس الحقّ عليكم؛ الحقّ علينا نحن آباء الطالبات والطلاّب. فنحن عميان لا نبصر، خُرس لا ننطق، حمير لا نغار. وإذا استمرّت هذه الحال فليس أمامنا إلاّ اللعنة التي نزلت على بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم.
اللهمّ لقد بلّغت، اللهمّ لقد أنكرت المنكَر، اللهمّ لا تُنزل علينا لعنتك ولا تُحْلِلْ بنا غضبك.
* * *

الصفحة 328