كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 5)

بعدهم عبد الرحمن الباشا. هؤلاء على اختلاف أزمانهم وتفاوت أسنانهم، وأمثال هؤلاء من إخوانهم، هم الذين حفظ الله بهم العربية في الشام.
وقد نسيت عاملاً آخر هو الأستاذ كرد علي، والمجمع العلمي الذي أسّسه سنة 1920 فكان أبا المجامع العربية كلها، ومَن كان معه مِن رجال المجمع: الشيخ عبد القادر المغربي والأستاذ عزّالدين التنوخي والأستاذ عارف النكدي، وأمثال هؤلاء. ثم مَن جاء بعدهم من المَجْمعيّين: شكري فيصل وشاكر الفحّام وعبدالكريم اليافي وعدنان الخطيب.
والعامل الثالث أساتذة المعهد الطبّي (أي كلّية الطبّ) الذين قاموا بما قعدَت عنه الجامعات والمجامع، فعرّبوا على مدى نصف قرن جميع مصطلحات العلوم الطبّية: الأساتذة الأطباء حسني سبح رئيس مجمع اللغة العربية الآن، وحمدي الخياط وجميل الخاني وصلاح الدين الكواكبي ومرشد خاطر وشوكة الشطي، وأمثال هؤلاء المجاهدين الأفاضل.
وتمشي اليوم على الألسنة كلمات صارت ملكاً للناس جميعاً وعُدَّت من اللغة العامّة، وأنا أعرف تاريخ الكثير منها وشهدت مولده. فكلمة «عبقرية» من وضع الشيخ عبد القادر المغربي ترجمة لكلمة «جيني» الفرنسية، وكلمة «فيزياء» وكلمة «برمائية» من وضع التنوخي، وكلمة «عفوي» ترجمة للفظ الفرنسي «سبونتانيه» من وضع سليم الجندي (وفي مصر يقولون «تلقائي» بدلاً من عفوي). وكلمة «هاتف» للتلفون و «سيارة» و «درّاجة» وُضعت في أوائل

الصفحة 347