كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 5)

كان الفضل في حفظ العربية لهؤلاء وأمثالهم، لا إلى الفرنسيين.
* * *
أما الجانب الآخَر من المصيبة (الذي وقفت في آخر الحلقة الماضية عنده) فهو نزع حجاب البنات، والسعي الدائب لاختلاط الشبّان بالشابّات، حتى كُشفت العورات وصار بعض المدارس كالمراقص والملهيات، وصار الرقص (لا الرقص الرياضي، بل الرقص العادي) مادّة من الموادّ المقرّرات تُجبَر على تعلّمه الطالبات!
إي والله العظيم، ما أقول إلاّ ما وقع، لا أسير وراء خيالي ولا أفتري على الناس الكذب. ولم نصل إلى هذا في يوم واحد، بل كانت خُطّة مرسومة؛ كانت فصلاً من كتاب محاربة الإسلام.
لقد حاقت بالإسلام مصائب وحلّت به نكبات: الردّة التي كانت بعد انتقال الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى، حيث رجع أكثر العرب عن الاتّباع الكامل للإسلام، فمنهم من تبع متنبّئاً كذّاباً وترك الدين الحقّ، ومنهم من أراد أن يهدم ركناً من الأركان التي يقوم عليها بنيان الإسلام فيمنع الزكاة. وظنّ بعض خصوم الإسلام أنه انتهى، ولكن الإسلام عاد بحمد الله أقوى ممّا كان.
ثم جاءت سلسلة طويلة من المصائب التي تعرفونها، وما أنشأت هذا الفصل لبيانها ولكن أشير إليها لأذكّركم بها: الفتن

الصفحة 349