كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 5)

التابعة لها. وكانت هذه المدرسة في المدرسة الأثرية (السميساطية) عند الباب الشمالي للجامع الأموي.
ولكن لم تتمّ مقاطعة المدارس الحكومية ولم تكفِ المدارس التي أنشآها، وعاد أولادنا مضطرّين إلى المدارس الرسمية. وإنما عادوا في الواقع إلى مدارسنا، مدارس الأمّة التي -نحن المسلمين- جمهورُها ومنا الكثرة الكاثرة من أفرادها ونفقتُها من جيوبنا.
واستمرّت المعركة مستترة غالباً وظاهرة حيناً بيننا وبين من يمسك بزمام هذه المدارس ويوجّهها غير الوجهة التي نريدها، وانحصر الخلاف في اثنتين: مسألة الدروس الدينية ومسألة حجاب الطالبات.
ووُفّقنا حيناً؛ فزيدت علوم الدين ساعة أخرى في الأسبوع فصارتا ساعتين وأُدخلت في الامتحان، ولكن الخصوم ما ناموا ولا سكنوا، وظلّوا يعملون في الخفاء ونحن نراجع الحُكّام ونكتب في الصحف ونخطب في المساجد. وقد وجدت بين أوراقي كلمة ممّا كان يُنشَر في الصحف نشرتُها في جريدة «الأيام» عند الأستاذ نصوح بابيل، ولكنني لم أحتفظ بالجريدة كاملة بل بكلمتي وحدها مقصوصةً فلم أعرف تاريخ كتابتها.
وأقدّر أنها نُشرت في أوائل الخمسينيات من هذا القرن الميلادي. أعيدُ نشرَ بعضها هنا لتكون مثالاً لِما كنّا نكتب ودليلاً عليه. وكنت ألوّن الأساليب، فأكتب تارة غضبان متحمّساً ثائراً مثيراً، آمل أن أوقظ هذا الشعب النائم حتى يدع المنام ويسارع

الصفحة 360