كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 5)

إلى القيام. وأكتب تارة هادئاً أحاول أن أجادل بالتي هي أحسن، وأن أدلي بالحُجّة وحدها من غير أن أوقد من حولها النار أو أن أطير الشرار.
كان عنوان هذه الكلمة «دروس الديانة في المدارس»، وأولها:
قرأت تصريح وزير المعارف الذي بيّن فيه أن الوزارة لا تفكر في تخفيض عدد ساعات الديانة، بل تبحث زيادة عددها.
وأنا أشكر الأخ الوزير الدكتور عبد الوهاب حومد، ولم أكُن أنتظر منه إلاّ هذا، لذلك تردّدت في تصديق ما نقله الناس عنه من أنه يريد نقص هذه الساعات أو إعفاء الطلاّب من الامتحان في علوم الدين.
وما كتبت هذه الكلمة لمجرّد الشكر بل لأنبّه الوزارة إلى أمر ما أحسبها إلاّ متنبّهة له عارفة به، ولكنها تتغافل عنه. ليس عندنا شيء اسمه علم الديانة ولا يعرفه علماء المسلمين، وليس في مكتبتنا كتب في هذا العلم. إنما الذي عندنا: علم الفقه، وعلم أصول الفقه، وعلم التوحيد، وعلم التجويد، وعلم الحديث، وعلم التفسير، وأشباه ذلك من العلوم التي أُلِّفت فيها آلافٌ وآلافٌ من الكتب وظهر فيها آلاف من العلماء.
تجمعها كلها كلمة «الدين» كما تجمع كلمة «الرياضيات» في المدارس بين الحساب والهندسة بأنواعها الجبر والمثلّثات، وكما تجمع كلمة «الطبيعيات» بين الفيزياء والكيمياء والتاريخ الطبيعي وعلم النبات وعلم الحيوان. ولو قلنا لمدرّس الرياضيات أعطيناك

الصفحة 361