كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 5)

تقصر دونها الهمم إلاّ لأنهم درسوا القرآن والحديث وأخذوا من بيانهما. وما ضرّ الأستاذ فارس بك أنه مطّلع على الثقافة الإسلامية أكثر من كثير من أهلها، بل نفعه ذلك وزاده رفعة بين الناس.
فلماذا لا يدرس الطلاب جميعاً هذه العلوم؟ لا ما يتعلّق منها بالدين الإسلامي وبالعبادات، فهذا للمسلمين وحدهم. بل ما يتصل منها بهذه الثقافة اللغوية والعقلية. وإذا كان الطلاّب المسيحيون يكرهون أن يقرؤوها على المشايخ في درس الدين فإن في غير المشايخ، وإن في غير العرب، من يستطيع أن يُقرِئهم هذه العلوم، لأنهم أدركوا نفعها وقدروها قدرها فاهتمّوا بها وأقبلوا عليها وأتقنوها.
أقول هذا ليعلموا أننا لا نريد من العناية بدرس الدين وإدخاله في الامتحانات الخاصّة والعامّة أن نضطرّهم إلى ما يكرهون، ولا نريد أن نحتال عليهم لنُجبِرهم على الدخول في الإسلام. وهذا الذي أقوله كلام صريح ظاهر ليس له خبيء باطن، ما فيه إلاّ ما تدلّ عليه ألفاظه. أمّا هؤلاء الذين يَدْعون أنفسهم بالتقدميين، والذين ربّاهم الأجانب، والذين يرون في انتشار الإسلام «بعبعاً» كالذي كان يُخوَّف به الأطفال، ويخشون اسمه ولا يريدون الاقتراب منه لأن أعداء الإسلام صوّروه لهم على غير حقيقته أو لأن بعض الجهلة من المنسوبين إليه قد أعانوا هؤلاء الأعداء على ما يريدون ...
والمقالة طويلة.
* * *
وبقيَت المعركة مستمرة، وكانت سِجالاً بيننا وبينهم، ولكننا

الصفحة 364