كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 5)

بدؤوا بالرياضة تعلّمها معلّمات للطالبات في باحة المدرسة، ثم خرجوا بهنّ إلى الساحة المكشوفة التي يراها الجيران، فلما رأونا سكتنا جعلوا لها ثياباً تكشف عن بعض الساق وعن نصف الذراع، فلما رأونا سكتنا ألّفوا من البنات فرقة كشّافة ومرشدات أخرجوهن يوم العرض، فأنكرنا إنكاراً ضعيفاً. وأنا أحمد الله على أني كنت أول من أنكر هذا في مجلّة الرسالة وكنت آخر من ثبت على الإنكار، ولكنهم رأوا الإنكار فردياً فلم يبالوا به.
صنعوا ما صنعوا على تخوّف أولاً وحذر، والعرب تقول «كاد المريب يقول: خذوني». فلما رأونا لا نبالي ولا نعترض ولا نغار على بناتنا خلعوا العذار وأزاحوا الستار، وجاؤوا جَهاراً من الباب بعد أن كانوا يتسلّلون من النافذة، حتى إنني رأيت في رحلتي مع المشايخ إلى مصر التي حدّثتكم حديثها، رأيت يوماً وقد دعانا صديق لنا إلى باخرة له راسية على شط النيل وأمامها ملعب مكشوف الجوانب مفتّح الأبواب، رأيت فيه وأنا قادم إلى الباخرة وأنا راجع منها مئات من الشبّان والشابّات لا يُستَر منهم ولا منهن إلاّ السوأة الكبرى، رأيتهم مضطجعين على الرمال جنباً إلى جنب يتمرّنون على حركات رياضية (جمنازية)، فيمسك المدرب البنت من كل عضو فيها: يمسكها من فخذها لتنقلب من فوق «الثابت»، ويمدّ يده إلى ما شاء منها وهي عارية ما تستر إلاّ حلمتَي الثديَين والسوأتين، كما يُرى على السواحل في شطوط البحار! ورأينا مدارس ثانوية للبنات تقيم حفلات في آخر السنة (بيدي الآن بطاقتان للدعوة إليها) فيها بعد خطبة الافتتاح تسع رقصات تؤدّيهن الطالبات أمام المدعوّين من الرجال والنساء!

الصفحة 398