كتاب ذكريات - علي الطنطاوي (اسم الجزء: 5)

الردّ في مجلّة «المكشوف» عند فؤاد حبيش. ثم انقشعَت هذه الغمامة وعاد الصفاء ورأيت فيه مزايا جَمّة.
وهو أول مَن نظم من الشعر ما يشبه هذا المذهب الجديد (شعر التفعيلة كما يقولون)، وذلك حين أراد أن يرثي شوقي فعجز عن نظم القصيدة، فجاء بشيء هو بين الشعر والنثر: أبيات موزونة لا يجمعها بحر واحد ولا قافية واحدة، سَمّاها «ذات البحور والقوافي»، وهي في رسالة له عن شوقي. وكان إذا ألقى محاضرة طبعها آنَق طبع على أجود ورق، ووزّع أكثرها هدايا.
وكنّا في مصر يوم تُوفّي رحمه الله، وقد سهرنا معه في الفندق (الكونتيننتال) وفارقناه وهو حيّ مُعافى، فلما أصبحنا بلغَنا نبأ وفاته، وحيداً إذ لم يكن له زوج ولا ولد.
* * *
أما الحاجّ أمين الحسيني المفتي فقد جمعني به رحمه الله حَجّ سنة 1391هـ، وكنّا معاً في فندق مصر. وعرفته في مؤتمر القدس الذي أخذني إليه أخي الشيخ محمد محمود الصواف سنة 1954م. وللصواف ولهذا المؤتمَر، وللرحلة التي رحلتُها بعده فقطعت فيها ربع محيط الأرض وزرت فيها الهند والسند وسنغافورة وأندونيسيا، لهذا كله حديث طويل سيأتي إن شاء الله عمّا قريب.
ومثل الحاجّ أمين الحسيني لا يُعرَّف به في مقالة لأنه أعرف من أن يُعرَّف، ولكن أذكر واقعة واحدة لعلها أدلّ عليه من مقالات.

الصفحة 89