كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 3 (اسم الجزء: 6)

وهذا وهم منه رحمه الله تعالى، فإن البخاري تجنب ذكر التراب في صحيحه، كما أشرت إليه سابقًا.
ومال النووي إلى صحة كل الألفاظ، فقد قال رحمه الله: قد روى البيهقي وغيره هذه الروايات كلها، وفيه دليل على أن التقيد بالأولى وغيرها ليس للاشتراط، بل المراد: إحداهن، وهو القدر المتيقن من كل الروايات.
وأما قوله في حديث عبد الله بن مغفل: «وعفروه الثامنة بالتراب» وفي حديث أبي هريرة (سبعًا إحداهن بالتراب) فاختلف العلماء في الجواب عن هذا الاختلاف،
فقيل: إن رواية أبي هريرة أولى، فتقدم على رواية عبد الله بن مغفل، قال البيهقي في المعرفة: «وإذا صرنا إلى الترجيح بزيادة الحفظ، فقد قال الشافعي رحمه الله:
أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره» (¬١).
وسبب آخر في ترجيح رواية أبي هريرة على رواية عبد الله بن مغفل، بكون الإجماع على خلاف رواية ابن مغفل، فإن الأقوال: ليست إلا الغسل ثلاثًا أو سبعًا، ولم يقل أحد بغسل الإناء ثمان مرات.
وأجاب الحافظ عن هذا بقوله:
قال ابن دقيق العيد: «وفي هذا القول نظر؛ لأنه ثبت القول بذلك عن الحسن البصري، وبه قال أحمد بن حنبل في رواية حرب الكرماني عنه» (¬٢).
وقيل: إن رواية ابن مغفل أولى؛ لأنه زاد الغسلة الثامنة، والزيادة مقبولة، خصوصًا من مثله، ومن أخذ بحديث عبد الله بن مغفل فقد عمل بحديث أبي هريرة، وليس العكس (¬٣).
---------------
(¬١) المعرفة (٢/ ٥٩)، وقال مثله في السنن الكبرى (١/ ٢٤٢).
(¬٢) فتح الباري (١/ ٣٦٨).
(¬٣) الجوهر النقي (١/ ٢٤١).

الصفحة 544