كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 3 (اسم الجزء: 6)

وهناك من يقول: لو أخذنا بالترجيح أصلًا لم نأخذ بالقول بالتراب؛ لأن الرواة الذين رووا الحديث عن أبي هريرة بدون ذكر التراب أكثر عددًا ممن ذكرها، وبعضهم من أخص أصحاب أبي هريرة كالأعرج وأبي صالح السمان وغيرهما.
وهناك من جمع بين الروايتين، فقال: «لما كان التراب جنسًا غير الماء، جعل اجتماعهما في المرة الواحدة معدودًا اثنتين.
وتعقبه ابن دقيق العيد بأن قوله: وعفروه الثامنة بالتراب ظاهر في كونها غسلة مستقلة، لكن لو وقع التعفير في أوله قبل ورود الغسلات السبع كانت الغسلات ثمانية، ويكون إطلاق الغسلة على التتريب مجازًا، وهذا الجمع من مرجحات تعين التراب في الأولى» (¬١).
ومما يرجح كون التراب في الأولى أن الغسل بالتراب لو جعل في الثامنة لاحتاج إلى غسله بالماء بعد ذلك؛ لإزالة التراب، أما على القول بغسل الأولى بالتراب فإن الماء في الغسلات التالية يزيل أثر التراب، ويكون في هذا أدعى لنظافة الإناء، والله أعلم.

• دليل من قال: يستحب غسله سبعًا ولا يجب:
يرى المالكية أن الأمر بغسل الإناء ليس بسبب نجاسة الكلب، فهم يرون أن عينه طاهرة، وهذا ما حملهم على القول باستحباب الغسل سبعًا، لأن الغسل لو كانت العلة فيه النجاسة، لكان المطلوب الإنقاء، وقد يحصل في مرة واحدة.
ولم يوجب المالكية إراقة الماء، لأن الماء عندهم لا ينجس إلا بالتغير، ولم يتغير الماء بسبب ولوغ الكلب، فلماذا يراق عندهم وهم يرون أنه ماء باق على خلقته، وقد سبق ذكر أدلتهم على طهارة الكلب في مسألة مستقلة، والجواب عنها، فالراجح أن الكلب عينه نجسة.
وأما قولهم إن الماء لا ينجس إلا بالتغير، فهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم،
---------------
(¬١) فتح الباري (١/ ٣٦٨).

الصفحة 545