كتاب الجامع لمسائل المدونة (اسم الجزء: 6-7-8)

فصار ولاؤها للمسلمين، ثم يسبى أبوها وأعتق؛ أنه يجر ولاءها؟ قال: لأن هذه لم يملك ولاءها أحد بمنة عتق، ولو سبيت هي أولاً فعتقت لبقي ولاؤها وولاء من أعتقت لمعتقها، ولا ينتقل إلى من أعتق أباها. رجع محمد وقال: في النصراني المعتق قول أشهب أحب إلينا؛ لأن الولاء قد ثبت للمسلم الذي أعتقه، وهو نسب ثابت لا ينتقل أبداً، فوجب ألا تنتقل حريته، وليس مثل النصراني يعتق عبداً له نصرانياً فيهرب العبد إلى دار الحرب ناقضاً للعهد ثم يسبى؛ فإنه يكون رقيقاً لمن اشتراه، فإن أعتقه؛ كان له ولاؤه، ولو أسلم سيده النصراني، والعبد في دار الحرب ثم غنمه المسلمون؛ لرد إلى حريته، وولاؤه لسيده الذي أسلم.
وقال إسماعيل القاضي في المبسوط: لا يشبه أن يكون الولاء إلا للأول على معاني قول مالك؛ لأن الولاء نسب قد كان ثبت للأول، وإذا سبي هذا المولى واسترق، انقطع الولاء ما دام في حال رقه، فإذا أعتق رجع الولاء إلى من قد ثبتن كما أن الابن المملوك لا يوارث أباه الحر، فإذا أعتق وجبت الموارثة بينهم بالنسب.
م: وهذا الذي شبه به إسماعيل لا يشبهه؛ لأن هذا الابن إذا عتق ورثه أبوه بالنسب، والولاء قائم لمعتقه، والعبد المعتق أولاً عتقه قد انتقض وعاد عبداً قد اعتقه الآن غيره عتقاً لم ينتقض، فهو أولى من العتق الأول المنتقض، والصواب عندي ما قاله أشهب: إن الولاء قد ثبت للأول كالنسب، ولا ينقض عتقه، ولا يسترق، ويبقى على حريته الأولى، وولاؤه الأول إذ ليس له معتق غيره.
وقال ابن القاسم في المدونة وفي كتاب ابن المواز: ولو أعتق النصراني عبداً له نصرانياً ثم نقض السيد العهد وحارب، فأسر وأسلم مولاه فاشترى سيده وأعتقه، ثم أسلم بعد

الصفحة 1148