كتاب الجامع لمسائل المدونة (اسم الجزء: 6-7-8)

وذهب إسحاق بن راهويه: إلى أن ولاءه لملتقطه. واحتج من ذهب إلى هذا:
بخبر واثلة بن الأسقع أن النبي -عليه السلام- قال: «تجر المرأة لقيطها وعتيقها والولد الذي لاعنت عليه».
ويخبر سنين أن سعيد بن المسيب وجد لقيطاً على عهد عمر فقال عمر: هو حر، ولك ولاؤه، وعليك رضاعه.
وذهب أبو حنيفة: أنه يوالي من شاء، فيرثه، ويعقل عنه، وروي ذلك عن علي أبي طالب.
والدليل على صحة ما ذهب إليه مالك قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}.
واللقيط لا يُعلم له أب ولا رحم فهو مولى للمسلمين، واللقيط لا يخلو أن يكون حراً أو عبداً لغير الملتقط، وليس التقاطه يوجب ملكه، فبأي وجه يجب ولاء ملتقطه وهو لم يثبت له ملكه ولا عتقه، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما الولاء لمن أعتق»، وهي حجتنا على أبي حنيفة؛ لأن من والاه اللقيط ليس هو بمعتق له، وأما خبر سُنينٍ فسنين مجهول لا يعرف غير هذا الحديث.

الصفحة 1158