كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 6)
نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٤٧)} [الكهف: ٤٧]. وقال تعالى: {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَاّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤)} [مريم: ٩٣ - ٩٤].
وهذه النصوص تدل على حشر الخلائق جميعاً الجن والانس والبهائم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما البهائم فجميعها يحشرها الله سبحانه كما دل عليه الكتاب والسنة، قال تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون (٣٨)} [الأنعام: ٣٨]. وقال تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَت (٥)} [التكوير: ٥]. وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِير (٢٩)} [الشورى: ٢٩]. وحرف إذا إنما يكون لما يأتي لا محالة (¬١).
ويحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلاً أي غير مختونين كما ولدتهم أمهاتهم. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي اللهُ عنها قالت: سمعت النبي صلى اللهُ عليه وسلم يقول: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ جَمِيعًا، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ قَالَ صلى اللهُ عليه وسلم: «يَا عَائِشَةُ! الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ» (¬٢).
وكل إنسان يُبعث على الحال التي مات عليها من التقوى والإيمان والكفر والعصيان، روى مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي اللهُ عنه أن
---------------
(¬١) مجموع الفتاوى (٤/ ٢٤٨).
(¬٢) برقم ٦٥٢٧ وصحيح مسلم برقم ٢٨٥٩ واللفظ له.