كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 7)
الكلمة الثامنة والخمسون: فضائل مكة وحُرمَتها (¬١)
الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَبَعدُ:
فإن الخالق عزَّ وجلَّ لجميع المخلوقات فَضَّلَ بعضها على بعض واختار منها ما شاء، قَالَ تَعَالَى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون (٦٨)} [القصص: ٦٨]. ومن الأماكن الفاضلة التي فَضَّلَهَا الله على غيرها مكة، البلد الأمين مهبط الوحي ومنبع الرسالة، وهي البلد الذي أقسم الله به فقال: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَد (١) وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَد (٢)} [البلد: ١ - ٢]. قال ابن كثير: هذا قسم من الله تعالى بمكة أم القرى في حال كون الساكن فيها حالًا لينبه على عظمة قدرها في حال إحرام أهلها، قال سبحانه: {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِين (٣)} [التين: ٣] (¬٢).
وقد وردت نصوص كثيرة في فضلها وحرمتها فمن ذلك:
أن فيها بيت الله العتيق أول بيت وضع للناس، قَالَ تَعَالَى:
---------------
(¬١) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ليس في الدنيا شيءٌ حَرَم إلا هذان الحرمان: حرم مكة وحرم المدينة، أما ما يقال: حرم الأقصى والحرم الإبراهيمي، فلا صحَّة ولا أصل له [«الشرح الممتع» (٧/ ٢١٥)].
(¬٢) «تفسير ابن كثير» (١٤/ ٣٥٣).