كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 7)

١٢٥]. أي: يثوبون إليه على تعاقب الأعوام من جميع الأقطار، ولا يقضون منه وطرًا، بل كلما ازدادوا زيارة له، ازدادوا له اشتياقًا، قال الشاعر:
لَا يَرجِعُ الطَّرفُ عَنهَا حِينَ يَنظُرُهَا ... حَتَّى يَعُودَ إِلَيهَا الطَّرفُ مُشْتَاقًا
وكم أُنفق في حبه من الأموال والأرواح، ورضي المحب بمفارقة فَلِذ الأكباد والأهل، والأحباب والأوطان؟ ! مقدِّمًا بين يديه أنواع المخاوف والمتالف والمعاطف والمشاق، وهو يستلذ ذلك كله ويستطيبه ويراه (¬١). اهـ.
ومما يدل على فضلها ومكانتها: ما جاء في المعاقبة على الهم بالسيئة فيها وإن لم تُفعَلْ، لِقَولِهِ تَعَالَى: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم (٢٥)} [الحج: ٢٥].
قال الشيخ عبد الرحمن السِّعدي: «فمجرد الإرادة للظلم والإلحاد موجب للعذاب وإن كان غيره لا يعاقب العبد عليه إلا بعمل الظلم، وفي الآية الكريمة: وجوب احترام الحرم، وشدة تعظيمه، والتحذير من إرادة المعاصي فيه وفعلها» (¬٢).
وكان لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي اللهُ عنهما فسطاطان: أحدهما في الحل والآخر في الحرم، فإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الحل، وإذا أراد أن يصلي صلى في الحرم، وفي هذا تحذير شديد
---------------
(¬١) «زاد المعاد» (١/ ٥١ - ٥٢).
(¬٢) «تفسير الشيخ السعدي» مختصرًا (ص: ٦٧١).

الصفحة 383