كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 7)
بعظيم من مخلوقاته التي تدل على عظمته، وفي ذكر الخيل وشدتها وسرعة عدوها واقتحامها ميادين المعارك تحت بوارق السيوف تنبيهٌ إلى فضلِ الجهاد وعظيمِ مكانته.
ثانيًا: الإشارة إلى إعداد الخيل للجهاد في سبيل الله، وفي الآية الكريمة: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: ٦٠]. وَفِي الحَدِيثِ: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (¬١).
ثالثًا: فيه إشارة أن ما يعانيه الفرسان المجاهدون في سبيل الله: من نقع الغبار الذي تثيره الخيل، محل عناية الله وحسن جزائه، قَالَ صلى اللهُ عليه وسلم: «لَا يَجتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ» (¬٢).
رابعًا: الآيات الكريمة إشارة إلى العناية بالخيل واقتناء الجياد منها والاهتمام بتدريبها وتهيئتها لكل المهام التي يحتاج إليها فيها، ومن ذلك: تضميرها، والمسابقة بينها، وتحذيتها وقاية لها من الحفاء، وذكر القدح في الآية الكريمة يشير إلى ذلك، وفي الصحيحين مِن حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم سَابَقَ بَينَ الخَيلِ الَّتِي قَد أُضمِرَتْ فَأَرسَلَهَا مِنَ الحَفيَاءِ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَينَ الخَيلِ الَّتِي لَم تُضْمَرْ فَأَرسَلَهَا مِن ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ (¬٣).
---------------
(¬١) «صحيح البخاري» (برقم ٢٨٥٠)، و «صحيح مسلم» (برقم ١٨٧١).
(¬٢) قطعة من حديث في «سنن الترمذي» (برقم ١٦٣٣)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(¬٣) «صحيح البخاري» (برقم ٢٨٧٠)، و «صحيح مسلم» (برقم ١٨٧٠).