كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 7)

وتنقله في أنواع العبودية وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من النحائر، وإخراج المال الذي جبلت النفوس على محبته والشح به (¬١).
قَولُهُ تَعَالَى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر}، أي: إن مبغضك يا محمد ومبغض ما جئت به من الهدى، والحق والبرهان الساطع، والنور المبين هو الأبتر، والأبتر قال أهل اللغة: الأبتر من الرجال الذي لا ولد له ومن الدواب الذي لا ذنب له، وكل أمر انقطع من الخير أثره فهو أبتر (¬٢). اهـ.
وكانت العرب تسمِّي من كان له بنون وبنات ثم مات البنون وبقي البنات أبتر، فيقال: إن العاص وقف مع النبي صلى اللهُ عليه وسلم يكلمه، فقال له جمع من صناديد قريش: مع من كنت واقفًا؟ فقال: مع ذلك الأبتر، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم وكان من خديجة، فأنزل الله جل شأنه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر}، أي: المقطوع ذكره من خير الدنيا والآخرة.
وقيل: إن قريشًا كانوا يقولون لمن مات ذكور ولده: قد بتر فلان، فلما مات لرسول الله صلى اللهُ عليه وسلم ابنه القاسم بمكة، وإبراهيم بالمدينة؛ قالوا: بتر محمد فليس له من يقوم بأمره من بعده، فنزلت هذه الآية (¬٣).
---------------
(¬١) «تفسير ابن سعدي» (ص: ١١٦٨).
(¬٢) «مختار الصحاح» (ص: ٤٠).
(¬٣) «تفسير القرطبي» (٢٢/ ٥٢٩).

الصفحة 434