كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 7)
من نطق ولا إشارة، وقد سُمِع بعض المحتضرين يقول: أهلًا وسهلًا ومرحبًا بهذه الوجوه، وأخبرنا شيخنا عن بعض المحتضرين فلا أدري أشاهده أو أُخبر عنه أنه سُمع وهو يقول: عليك السلام ها هنا فاجلس، وعليك السلام ها هنا فاجلس» (¬١). اهـ.
وذكر ابن أبي الدنيا أن عمر بن عبد العزيز لما كان في يومه الذي مات فيه قال: أجلسوني، فأجلسوه، فقال: «أنا الذي أمرتني فقصرت، ونهيتني فعصيت (ثلاث مرات) ولكن لا إله إلا الله، ثم رفع رأسه فَأَحَدَّ النظر، فقالوا: إنك لتنظر نظرًا شديدًا يا أمير المؤمنين، ثم قرأ الآية: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين (٨٣)} [القصص: ٨٣]، فقال: إني لأرى حضرة ما هم بإنس ولا جن، ثم قبض» (¬٢).
وقال فضالة بن دينار: حضرت محمد بن واسع وقد سُجِّيَ للموت فجعل يقول: مرحبًا بملائكة ربي ولا حول ولا قوة إلا بالله، وشممت رائحة طيبة لم أشم رائحة قط أطيب منها، ثم شَخَصَ بصره فمات، والآثار في ذلك أكثر من أن تحصر وأبلغ (¬٣).
قال ابن القيم رحمه الله: «ولقد أخبر بعض الصادقين أنه حفر ثلاثة أَقْبُرٍ، فلما فرغ منها اضطجع ليستريح فرأى فيما يرى النائم ملكين نزلا فوقفا على أحد الأقبرِ فقال أحدهما لصاحبه: اكتب
---------------
(¬١) «الروح لابن القيِّم» (ص: ١٨٣ - ١٨٤).
(¬٢) «الروح لابن القيِّم» (ص: ١٨٤).
(¬٣) «الروح لابن القيِّم» (ص: ١٨٤).