كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 6)

بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب. أي ليدوم لهم، قال بعضهم: الحكمة من ذلك أن الجلد موضع الإحساس بالألم فإذا احترق لم يعد هناك ألم فيبدل لهم جلوداً غيرها، قال بعض المفسرين: إنهم يبدلون في اليوم أو الساعة مرات عديدة حتى يذوقوا العذاب (¬١)، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «ضِرْسُ الْكَافِرِ أَوْ نَابُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ» (¬٢). وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الْكَافِرِ فِي النَّارِ، مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ» (¬٣)، وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «ضِرْسُ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَعَرْضُ جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَفَخِذُهُ مِثْلُ وَرِقَانَ (¬٤)، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مِثْلُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّبَذَةِ» (¬٥).
قال النووي: «هذا كله لكونه أبلغ في إيلامه، وكل هذا مقدورٌ لله تعالى يجب الإيمان به لإخبار الصادق به» (¬٦).
قوله: {إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (٥٦)}: أي لا يمتنع عليه ما
---------------
(¬١) تفسير ابن كثير (٤/ ١٢١ - ١٢٢).
(¬٢) برقم ٢٨٥١.
(¬٣) برقم ٢٨٥٢.
(¬٤) ورقان جبل عظيم من جبال تهامة بين مكة والمدينة، والربذة قرية من قرى المدينة بها مات الصحابي الجليل أبو ذر رضي اللهُ عنه.
(¬٥) (١٤/ ٨٧) برقم ٨٣٤٥ وقال محققوه إسناده حسن.
(¬٦) شرح صحيح مسلم (٦/ ١٨٦).

الصفحة 56