كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 6)

قالت عائشة رضي اللهُ عنها كما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم» (¬١).
وقد يُجمَعُ للمريض الأمران، فيكون المرض تكفيراً لسيئاته، ورفعة لدرجاته، وينبغي للمريض أن يتنبه لأمرين إذا تأملهما هانت عليه مصيبته وخفَّ همه وغمه:
١ - أن هذه المصيبة لم تكن في دينه؛ لأن المصيبة في الدين يجني صاحبها الآثام والعقوبات.
٢ - أن مصيبته أخفُّ وأهون من مصيبة غيره، فلو سأل أو نظر إلى من حوله من المرضى لرأى من هو أشد منه ألماً.
قال شريح: ما أصابتني مصيبة إلا حمدت الله تعالى عليها لأربع:
١ - أن الله رزقني الصبر عليها.
٢ - أن الله رزقني الاسترجاع عندها.
٣ - أن الله لم يجعلها أكبر منها.
٤ - أن الله لم يجعلها في ديني.
روى مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ اجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا»، قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم،
---------------
(¬١) برقم ٥٦٤٦ وصحيح مسلم برقم ٢٥٧٠.

الصفحة 64