كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 7)
اللَّهِ وَالْفَتْح (١)} فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أَعْلَمَهُ لَهُ، قَالَ: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح (١)}، وَذَلِكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ، {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)}، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ» (¬١).
وَقَالَ المُهَاجِرُوْنَ لِعُمَرَ: أَلَا تَدْعُو أَبْنَاءنَا كَمَا تَدْعُو ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: ذَاكُم فَتَى الكُهُولِ؛ إِنَّ لَهُ لِسَانًا سَؤُولًا، وَقَلْبًا عَقُوْلًا (¬٢).
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما: قَالَ لِي أَبُو العَبَّاسِ: يَا بُنَيَّ! إِنَّ عُمَرَ يُدنِيكَ، فَاحفَظْ عَنِّي ثَلَاثًا: لَا تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا، وَلَا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا، وَلَا يُجَرِّبَنَّ عَلَيْكَ كَذِبًا (¬٣). قال الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف، فقال ابن عباس: بل كل واحدة خير من عشرة آلاف.
قال ابن كثير: وقد استنابه علي على البصرة، وأقام للناس الحج في بعض السنين فخطب بهم في عرفات خطبة، وفسر فيها سورة البقرة، وفي رواية سورة النور، قال من سمعه: فسر ذلك تفسيرًا لو سمعته الروم، والترك، والديلم لأسلموا، ويقول عن نفسه: إِنْ كُنْتُ
---------------
(¬١) «صحيح البخاري» (برقم ٤٩٧٠).
(¬٢) «سير أعلام النبلاء» (٣/ ٣٤٥).
(¬٣) «سير أعلام النبلاء» (٣/ ٣٤٦).
الصفحة 712