كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 6)
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ: {هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِين (١٨)} [هود: ١٨]» (¬١).
قوله تعالى: {إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيه (٢٠)} أي قد كنت موقناً في الدنيا أن هذا اليوم كائن لا محالة، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون} [البقرة: ٤٦].
قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَة (٢١)} أي مرضية، قد رضوها ولم يختاروا عليها غيرها.
قوله تعالى: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَة (٢٢)} أي رفيعة قصورها، حسان حورها، ناعمة دورها، دائم حبورها، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا بَيْنَ الدَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ»، أُرَاهُ قَالَ: «وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ» (¬٢).
---------------
(¬١) برقم ٢٤٤١ وصحيح مسلم برقم ٢٧٦٨.
(¬٢) برقم ٢٧٩٠.
الصفحة 76