كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 7)

أَي قَومِ أَسلِمُوا فَوَاللهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَيُعطِي عَطَاءً مَا يَخَافُ الفَقرَ (¬١). وَيَقُولُ البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ: كُنَّا إِذَا حَمِيَ الوَطِيسُ اتَّقَينَا بِرَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَيُحَاذِيهِ. وَقَالَ يُوسُفُ عليه السلام عِندَمَا رَاوَدَتْهُ امرَأَةُ العَزِيزِ: {مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُون (٢٣)} [يوسف: ٢٣]. وَقَالَ لِإِخوَتِهِ: {قَالَ لَا تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين} [يوسف: ٩٢].
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم لِزُعَمَاءِ قُرَيشٍ: «اذْهَبُوا فَأَنتُمُ الطُّلَقَاءُ» (¬٢). وأنبياء الله أعطاهم الله العلم والحكمة، قَالَ تَعَالَى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: ٧٩].
الأنبياء أشد الناس بلاء، وصبرًا في الدعوة إلى الله، روى الترمذي في سننه مِن حَدِيثِ سَعدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي اللهُ عنه: أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً؟ قَالَ: «الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ، فَالأَمْثَلُ» (¬٣).
قال ابن القيِّم رحمه الله: «وأشد الناس بلاء الأنبياء فابتلوا من أممهم بما ابتلوا به من القتل، والضرب، والشتم، والحبس، فلا نقص عليهم ولا عار في ذلك، بل هذا من كمالهم وعلو درجاتهم عند الله» (¬٤). اهـ.
---------------
(¬١) «صحيح مسلم» (برقم ٢٣١٢).
(¬٢) «سيرة ابن هشام» (٤/ ٢٧). ورُوِيَ في السِّيرة.
(¬٣) «سنن الترمذي» (برقم ٢٣٩٨)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(¬٤) «بدائع الفوائد» (ص: ٥٦٧)، بتصرُّف.

الصفحة 765