كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 12)

"""""" صفحة رقم 30 """"""
من غير سحق فهو أجود ، ثم يأخذ من العنبر الطيب نصف أوقية فيذوبه في مدهن على ألطف ما يكون من النار ، فاذا كاد يذوب قطر عليه شيئاً من دهن البان المطيب ، ثم ينزله بعد أن يذوب ، ويعتبره بأنامله ، فأن كان فيه رمل أخرجه ، ثم يلقيه على المسك في الصلابة ؛ ويحذر أن يكون العنبر حاراً فإن حرارته تفسد المسك ؛ ثم يسحق الجميع في الصلاية برفق حتى يمتزج العنبربالمسك ، ويجردهما بصفيحة ذهب لطيفة ، ولا يجردهما بنحاس ولا بحديد فإنهما يفسدانهما ، ثم يرفع الغالية بالبان على حسب ما يحب من رقتها أو ثخنها ؛ وليس للبان حد يوقف عنده . وإن أراد أن يجعل المسك مثل العنبر أو دونه فعل . هذا ما ذكره الزهراوي في الغالية . وقد ذكر محمد بن أحمد التميمي في كتابه المترجم " بجيب العروس " في باب الغوالي كثيراً منها ، نذكر من ذلك ما كان يعمل للخلفاء والملوك والأكابر . فمن ذلك غالية من غوالي الخلفاء عن أحمد بن أبي يعقوب : يؤخذ من المسك التبتي النادر مائة مثقال ، يسحق بعد تنقيته من أكراشه وشعره ، وينخل بعد السحق بالحرير الصيني الصفيق ، ويعاد سحقه ونخله ، ويكرر حنى يصير كالغبار ؛ ثم يؤخذ تور مكي أو زبدية صيني ، فيجعل في أيهما حضر من البان الجيد النادر قدر الكفاية ، ويقطع فيه من العنبر الشحري الأزرق الدسم خمسون مثقالاً وترفع الزبدية بما فيها من البان والعنبر على نار فحم لينة لا دخان لها ولا رائحة فتفسده ، ويحرك بملعقة من ذهب أو فضة حتى يذوب العنبر ، ثم ينزله عن النار ، فإذا فتر طرح المسك فيه ، ويضرب باليد ضرباً جيداً حتى يصير جزأ واحدا ، ثم يرفع ذلك في إناء من الذهب أوالفضة ، وليكن ضيق الرأس ليمكن تصميمه ، أو في برنية زجاج نظيفة ، ويسد رأسها بصمامة حرير صيني محشوة بالقطن ، لئلا يتصاعد ريحها . قال : فهذه أجود الغوالي كلها ، وإن جعل العنبر نظير المسك فلا بأس . وهذه الغالية المتساوي فيها المسك والعنبر كانت تعمل لحميد الطوسي ؛ وكانت تعجب المأمون جداً

الصفحة 30