كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 12)

"""""" صفحة رقم 38 """"""
شيء من الزهومة ، فإن ذلك يفسد البخور ، ويقطع رائحته . وبسط التميمي القول في الندود ، وقد أوردنا منها ما فيه كفاية ؛ وهذه الندود كلها التي ذكرناها كانوا يصعونها للبخور خاصة .
وأما الذي يصنع في عصرنا هذا بالديار المصرية
- فهو نادر اذا عني به يصلح للحمل والادخار والبخور على النار ، وتعمل منه عنابر مختلفة الأشكال والمقادير ، من الأكر والوردات والشوابير ، وغير ذلك ، وتنظم قلائد ومعاضد ووشاحات وسبحاً ، وغير ذلك ، ويجعلها الناس بين ثيابهم اذا لبسوها ويمشون بها ، ويجلسون ويرقدون وهي لا تتغير ولا تتكسر ، ويكسر بعض الأكرة منها أو الوردة أو الخرزة فتستعمل في البخور وغيره ، وتبقى بقيتها في جملة العنبر المنظوم ، ولا يضرها الكسر ، ولا يتفتت منها شيء البتة إلا إن قرض بالسن أو قطع بالشفرة أو المدية ؛ وإذا طال مكثه صلح وجاد وصلب ، وعبق ريحه على النار ، إلا أنه متى اختلط بالياسمين ضعف ريحه ؛ وإذا تمادت عليه المدد وكثر استعماله وأفسده العرق الرديء كسر وأضيف اليه شيء من العنبر الخام الشحري وجن به ، ثم بالمسك المسحوق ، وأعيد كما كان ، أو على أي صفة أرادها صاحبه فيجيء غاية في الجودة ، وربما كان أجود وأنفع من الأول ؛ وها نحن نذكر كيفية عمله ومفرداته ومقاديره ؛ والله أعلم .
ذكر كيفية عمل الند في وقتنا هذا ومفرداته ومقاديره
والند في وقتنا هذا يسمى العنبر ، فإذا أطلق عندهم اسم العنبر كان هو المراد ، ويميز العنبر الأصلي إذا أريد بأن يقال فيه : العنبر الخام ؛ وهذا الند الذن يتداوله الناس في وقتنا هذا ثلاثة أنواع : فالنوع الأول المثلث ، وهو أجودها وأعطرها ؛ وصفة تركيبه ومقادير أجزائه أن يؤخذ له من العنبر الجيد الشحري الرزين الدسم جزء ،

الصفحة 38