كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 102 """"""
ذكر خبر ميلاد إسماعيل - عليه السلام - ومقامه وأمه في البيت المحرم
قال : وأقام إبراهيم بالأرض المقدسة ما شاء الله أن يقيم حتى كبرت سارة وأيست من الولد ، فخافت من انقطاع نسا إبراهيم - عليه السلام - فوهبته هاجر فقبلها ، وواقعها ، فحملت بإسماعيل ، ووضعته كالقمر وفي وجهه نور نبينا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ فأحبته سارة حتى بلغ من عمره سبع سنين ، فداخلت الغيرة سارة ، ولم تطق أن ترى إبراهيم مع هاجر ، فقالت : يا نبي الله ، إني لا أحب أن تكون هاجر معي في الدار ، فحولها حيث شئت .
فأوحى الله إليه أن انقلها إلى الحرم ؛ وجاء جبريل بفرس من الجنة ، فقال له : يا إبراهيم ، احمل هاجر وإسماعيل على هذا الفرس . فأركب إبراهيم هاجر وإسماعيل من ورائها ، وسار بهما حتى بلغ بهما الحرم .
فأوحى الله إليه ن انزل بهما هذا هنا ، فأنزلها بالقرب من البيت ، وهو يومئذ أكمة حمراء كالربوة من تخريب الطوفان . ثم قال إبراهيم لهاجر : كوني هذا هنا مع ولدك فإني راجع ، فبذلك أمرني ربي . فلما أراد إبراهيم أن ينصرف قال : " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم " إلى قوله : " لعلهم يشكرون " .
ثم رجع وتركهما هناك ولا ثالث لهما إلا الله تعالى .
فلما علا النهار ، واشتد الحر ، ونفد ما معهما من الماء ، قامت هاجر تعدو يميناً وشمالاً في طلب الماء فلم تجده ؛ فعادت إلى إسماعيل فرأته يبحث بأصابعه في موضع بئر زمزم وقد نبع الماء ؛ فسجدت لله ، وأخذت تجمع الحصا حول العين لئلا ينتشر الماء وهي تقول : زم زم يا مبارك . فناداها جبريل : لا تخافي وأبشري ، فإن الله سيعمر هذا المكان .
قال وهب : لولا أن هاجر جمعت الحصا حول الماء لتمت العين نهراً جارياً على وجه الأرض إلى يوم القيامة .