كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 103 """"""
قال : وأقبل ركب من اليمن يريدون الشام ، وطريقهم على الحرم ، فرأوا الطير تهوي إلى الأرض ، فقالوا : إن الطير لا تنقض إلا على الماء والعمارة .
وأقبلوا فرأوا هاجر مع إسماعيل والعين ؛ فسألوها ، فقالت : أنا جارية خليل الله إبراهيم وهذا ابنه ، خلفنا وانصرف إلى الشام .
فاستأذنوها في الماء ؛ فأذنت لهم ، ثم قالوا : هل أحد ينازعك على هذا الماء ؟ قالت : لا ، فإن الله أخرجه لي ولودي . قالوا : إن أحضرنا بأهالينا وسكنا في جواركم هل تمنعينا من هذا الماء ؟ قالت : لا ، لأنه لله يشربه خلق الله .
فرجعوا إلى بلدهم ، واحتملوا أهاليهم وأتوا الحرم بها وبمواشيهم ، فصاروا لهما أنساً .
ونشأ إسماعيل حتى بلغ مبلغ الرجال ، فكان يخرج إلى الصيد معهم ويرجع وماتت أمه هاجر ، وتزوج إسماعيل منهم ، وبلغ إبراهيم خبر موت هاجر ، فاشتاق إلى إسماعيل ، فاستأذن سارة في ذلك ، فأذنت له ، فجاءه جبريل بفرس فركبه وسار حتى وقف على بيت ولده إسماعيل بالحرم ، فقال : السلام عليكم يا أهل المنزل . فقالت له المرأة : إن صاحب البيت غائب . فقال إبراهيم : إذا رجع فقولي له : أبدل عتبة دارك ، فإني لا أرضاها لك . وانصرف إلى الشام .
فلما عاد إسماعيل أخبرته بالخبر ، فقال : صفيه لي . فوصفته ؛ فقال : الحقي بأهلك . فجاء أهلها وقالوا : ما الذي كرهت منها ؟ قال : لأنها لم تعرف لخليل الله قدراً .
ثم تزوج امرأة من جرهم ، فأولدها إسماعيل ستة أبطن ، فاشتاق إبراهيم إلى ولده ، فجاءه جبريل بفرس فركبه وسار إلى الحرم ، وقد عمر ذلك المكان بجرهم ؛ فوقف على باب إسماعيل وقال : السلام عليكم يا أهل المنزل . فبادرت المرأة وسلمت عليه ، وقالت : فدتك نفسي ، إن صاحب البيت غائب ، وإنه يعود عن قريب . قال : هل عندك طعام ؟ قالت : نعم ، عندنا خير كثير . وجاءته بطبق عليه لحم