كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 104 """"""
مشوي من الصيد ، وقدح من الماء . قال : فهل غير هذا من حب أو زبيب ؟ قالت : يا عماه ، ما هذا طعام بلدنا ، ولكنه يجلب إلينا ، فانزل بنا وتناول طعامنا . قال : إني صائم ، ولكن علي ذرق الطير فاغسليه . وحول قدمه عن الفرس ، ووضعه على المقام ؛ فغسلته ، فقال : إذا جاء زوجك فسلمي عليه وقولي له : الزم عتبة بابك فقد رضيتها لك . وانصرف .
فلما رجع إسماعيل من الصيد أخبرته الخبر فقال : لقد كنت كريمة علي وقد صرت الآن أكرم بإكرامك آبي خليل الله إبراهيم .
ثم اشتاق إبراهيم إلى ولده ثالثاً ، وذلك بعد ثلاث وعشرين يوماً ، فجاء إليه ولقيه ، وأمره الله أن يبني البيت ، فبناه ، وأتاه جبريل فعلمه مناسك الحج .
وقد تقدم ذكر ذلك مبيناً في الباب الثاني من القسم الخامس من الفن الأول وهو في السفر الأول من كتابنا هذا ، فلا حاجة لنا في إعادته .
قال : ورجع إبراهيم إلى البيت المقدس ، وأوحى الله إليه أن يرسل لوطاً نبياً إلى سذوم ؛ فأرسله .
وكان من أمره ما نذكره في أخباره في الباب الذي يلي هذا الباب - إن شاء الله تعالى - .
ذكر خبر بشارة إبراهيم بإسحاق - عليهما السلام -
قال : وبعث الله الملائكة إلى إبراهيم حين أرسلهم بالعذاب على قوم لوط وأمرهم أن يبشروه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ؛ فأتوه على صورة البشر وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل ودريائيل .
قال : فأتوه مفاجأة على خيولهم ، ودخلوا عليه منزله ففزع منهم ، حتى قالوا : سلاماً . فسكن خوفه ، وقال : " سلام قوم منكرون " ورحب بهم وأجلسهم وقام إلى زوجته سارة وأمرها بخدمتهم ؛ فقالت : عهدي بك وأنت أغير الناس . قال : هو كما تقولين ، وإنما هؤلاء أضياف أخيار . ثم قام إلى عجل سمين فذبحه وشواه ، وقربه إليهم ، ووقفت سارة لخدمتهم ، فجعل إبراهيم يأكل

الصفحة 104