كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 106 """"""
إلى ولده إسحاق ؛ فانتبه فزعاً ، وأقبل على إسحاق وقال له : ألست تطيعني يا بني ؟ قال : بلى ، ولو كان في ذبح نفسي .
فانصرف إبراهيم إلى منزله ، وأخذ الشفرة والحبل ، فوضعهما في مخلاته وقال : يا إسحاق ، امض بنا إلى الجبل .
فلما مضيا أقبل إبليس إلى سارة وقال لها : إن إبراهيم قد عزم على ذبح إسحاق فالحقيه ورديه . قال : ولم يذبحه ؟ قال : إنه زعم أن ربه أمره بذلك . قالت : إن كان الأمر كذلك فإنه صواب إذا أراد رضى ربه . وقالت : اللهم اصرف نزغ الشيطان . فولى عنها هارباً ، وتبع إسحاق فناداه : إن أباك يريد أن يذبحك . فقال إسحاق لأبيه : يا أبت ألا تسمع إلى هذا االهاتف ما يقول ؟ قال : يا بني امض ولا تلتفت إليه ، فسأخبرك .
فلما انتهيا إلى رأس الجبل قال إبراهيم : " يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين " .
فحمد إبراهيم ربه على ذلك ؛ فنودي من السماء : أليس الله قد وصفك بالحلم فكيف لا ترحم هذا الطفل ؟ قال : إن الله قد أمرني بذلك . فقال إسحاق : يا أبت عجل أمر ربك قبل أن ينال منا الشيطان .
فنزع إبراهيم قميصه وربطه بالحبل ، وكبه على جبينه وهو يقول : الحمد لله باسم الله الفعال لما يريد ، ووضع الشفرة على حلقه ، فلما هم بذبحه انقلبت الشفرة ، فارتعدت يد إبراهيم ، فقال له إسحاق : يا أبت ، حد الشفرة ، واصرف وجهك عني حتى لا ترحمني . قال : أيا بني ، قد فعلت حتى لو قطعت بها المجن لقطعته بحدها .
ثم وضع إبراهيم الشفرة على حلقه ثانياً ، وهم بقط أوداجه ؛ فانقلبت ؛ فقال إبراهيم : لا حول ولا قوة إلا بالله . فقال : أصبت في قولك يا أبت لكن حد سفرتك لتذبحني ذبحاً ، ولا تجزع . فحد إبراهيم المدية حتى جعلها كالنار ووضعها على حلق إسحاق ، فسمع إبراهيم هدة عظيمة ومنادياً يقول : يا إبراهيم خذ هذا