كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 107 """"""
الكبش فاذبحه عن ابنك ، فهو قربان عنه ، وهذا اليوم جعل عيداً لك ولودك من بعدك .
فالتفت إبراهيم إلى الجبل ، وإذا هو بكبش أملح أقرن ، قد انحدر من الجبل وهو يقول : خذني يا إبراهيم فاذبحني عن ابنك ، فأنا أحق منه بالذبح ، فأنا كبش هابيل بن آدم .
فحمد إبراهيم ربه على ذلك ، وذبح الكبش ؛ فأتت نار من السماء بغير دخان فأكلته حتى لم يبق إلا رأسه ؛ وانصرف إبراهيم وإسحاق ورأس الكبش معهما إلى منزل إبراهيم ، وأخبر سارة بما جرى .
قال : ثم توفيت سارة بعد ذلك ، وزوج إبراهيم بامرأة من الكنعانيين وأولدها ستة أولاد في ثلاثة أبطن .
وإبراهيم أول من صافح وعانق وفرق الشعر بالمشط ونتف الإبط واستاك واكتحل واختتن بالقدوم .
ذكر وفاة إبراهيم - عليه السلام -
قال : فبينما إبراهيم على باب داره ، وإذا هو بملك الموت وقد وافاه في أحسن صورة ؛ فسلم عليه ؛ فأجابه وقال : من أنت ؟ قال : أنا ملك الموت ، أمرني الله بقبض روحك . فكره إبراهيم الموت ؛ ثم تصور له في صورة شيخ كبير ، ودخل على إبراهيم وقال : هل من طعام ؟ فقدم إليه طعام على طبق ، فجعل ملك الموت يتناول الطعام ، ويخيل إلى إبراهيم أنه يلوث وجهه وعنقه ، وأنه لا يستقر في بطنه .
فقال له إبراهيم : أيها الشيخ ، ما بال هذا الطعام لا يستقر في بطنك ؟ قال : يا خليل الله ، إني قد شخت ، ولست أتمكن منه إلا على هذا الوجه ، قال : فكم تعد من السنين ؟ قال : قد جزت مائتي سنة . قال إبراهيم : وأنا في المائتين إلا سنة ، وإذا مضى علي مائتين أصير كذا ؟ قال : نعم .

الصفحة 107