كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 109 """"""
السبيل إلى المنع ؟ قال : اجعلوا السنة بينكم إذا دخل بلدكم غريب سلبتموه ونكحتموه في دبره ، فإذا فعلتم ذلك لم تقحطوا .
فخرجوا إلى ظاهر البلد فتصور لهم إبليس في صورة غلام أمرد ، فنكحوه وسلبوه ، فطاب لهم ذلك حتى صار فيهم عادة مع الغرباء ، وتعدوا إلى أهل البلد ، وفشا بينهم ؛ فأرسل الله إليهم لوطاً ، فبدأ بمدينة سذوم وبها الملك ، فلما بلغ وسط السوق قال : يا قوم اتقوا الله وأطيعون وارجعوا عن هذه المعاصي التي لم تسبقوا إليها ، وانتهوا عن عبادة الأصنام ، فإني رسول الله إليكم .
فكان جوابهم أن قالوا : " ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين " .
وبلغ الخبر الملك ، فقال : " ائتوني به " فلما وقف بين يديه سأله : من أين أقبل ؟ ومن أرسله ؟ ولماذا جاء ؟ فأخبره أن الله أرسله . فوقع في قلبه من الخوف والرعب ، وقال : إنما أنا رجل من القوم ، فادعهم فإن أجابوك فأنا منهم . فدعاهم فقالوا : " لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين " . فقال لهم : " إني لعملكم من القالين ، رب نجني وأهلي مما يعملون " .
فلبث فيهم عشرين سنة يدعوهم إلى الله وهم لا يجيبونه .
ثم توفيت امرأته ، فتزوج بامرأة من قومه كانت قد آمنت به ، فأقام معها أعواماً وهو يدعوهم حتى صار له فيهم أربعون سنة وهو يدعوهم بما أخبر الله به ويقول : " أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين " الآيات ، وهم لا يزدادون إلا كفراً وإصراراً وتمادياً على أفعالهم الذميمة ، فضجت الأرض منهم .
ذكر خبر نزول العذاب على قوم لوط وقلب المدائن
قد ذكرنا قصة إبراهيم أن الله - عز وجل - أرسل الملائكة إليه وبشروه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، وأخبروه بما أمرهم الله به من هلاك قوم لوط ، وقال لهم : امضوا حيث تؤمرون . فاستووا على خيلهم ، وساروا إلى المدائن وهم على صفة البشر ، فأتوا المدائن وقت المساء ، فرأتهم ابنة لوط - وهي الكبرى من بناته وهي تستقي الماء