كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 111 """"""
فأخرجونا . فأخرجوهم ، وقالوا : يا لوط ، حتى نصبح نريك وبناتك . وخرجوا فقال لوط للملائكة : بماذا أرسلتم ؟ فأخبروه ، فقال متى ؟ قالوا : " إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب " .
ثم قال له جبريل : " فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم " فجمع لوط أهله وبناته ومواشيه ، وأخرجه جبريل من المدينة ، وقال له : " إن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين " ومضى لوط بمن معه ، وجبريل قد بسط جناح الغضب ، وإسرافيل قد جمع أطراف المدن ودريائيل قد جعل جناحه تحت الأرض ، وملك الموت قد تهيأ لقبض أرواحهم حتى إذا برز عمود الصبح صاح جبريل صيحة : يا بئس صباح قوم كافرين . وقال ميكائيل : يا بئس صباح قوم فاسقين . وقال دريائيل : يا بئس صباح قوم ظالمين . وقال إسرافيل : يا بئس صباح قوم مجرمين . وقال عزرائيل : يا بئس صباح قوم غافلين .
فاقتلع جبريل هذه المدن عن آخرها ، ثم رفعها حتى بلغ بها إلى البحر الأخضر وقلبها ، فجعل عاليها سافلها . قال الله تعالى : " والمؤتفكة أهوى ، فغشاها ما غشى " يعني رمي الملائكة إياهم بالحجارة من فوقهم .
قال : واستيقظ القوم ، وإذا هم بالأرض تهوي بهم ، والنيران من تحتهم والملائكة تقذفهم بالحجارة .
قال : ومن كان من القوم بغير مدائنهم ممن كان على دينهم وفعلهم أتاه حجر فقتله .
قال : وبقي يخرج من تحت المدائن دخان منتن ، لا يقدر أحد يشمه لنتنه ، وبقيت آثار المدائن . قال الله تعالى : " ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون " .
قال : ومضى لوط إلى إبراهيم - عليهما السلام - فذلك قوله عز وجل : " ولوطاً آتيناه حكماً وعلماً ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين ، وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين " .

الصفحة 111