كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 113 """"""
ذكر مبعث يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم - عليهم السلام -
قال : ولما أتاه الوحي أقبل على خاله لابان ، وشكره على فعله ، وقال : إن ربي بعثني رسولاً إلى أرض كنعان ، فزوده بخيل وغنم وبقر وغير ذلك ، وقال : امض لما أمرك به ربك . فخرج يعقوب ومعه أولاده العشرة وامرأته يريد أرض كنعان ، فبلغ خبر نبوئته أخاه العيص ، فغضب لذلك ، وعارضه في طريقه بجموعه ؛ فراسله يعقوب مع ابنه روبيل ، وذكره الأخوة والرحم ، فزبر روبيل ورده ؛ ثم التقيا ، فظفر الله يعقوب بالعيص بقوة النبوة ، فاحتمله وألقاه على الأرض وجلس على صدره ، وقال له : كيف رأيت صنع الله بك يا عيص ؟ ثم رق له وقام عن صدره واعتنقه ، فاعترف العيص بفضله عليه ، وسأله أن يعفو عما سلف منه في حقه ؛ فاستغفر له يعقوب ودعا له ، وانصرف العيص إلى بلده ، وأقبل يعقوب إلى أرض كنعان ، فبنيت له دار متسعة ، سكنها بأهله وأولاده ، وكان بأرض كنعان ملك يقال له : سحيم ، فدعاه يعقوب إلى الإيمان بالله ، فلم يكترث به قال : فإني مجاهدك . قال : بمن تجاهدني وليس معك أحد ؟ قال : أجاهدك بالله وملائكته وهؤلاء أولادي .
وأقبل يعقوب بأولاده والملك في حصنه ، فقال : يا بني ، جاهدوا في الله حق جهاده . فقال ابنه شمعون : أنا أكفيك هذا الحصن . وأقبل وضرب باب الحصن برجله فتساقطت حيطانه ، وصاح صيحة عظيمة فمات الملك وأكثر من بالحصن ، ودخل يعقوب الحصن ، وغنم ما كان فيه ؛ فكانت هذه معجزة ليعقوب ، وبلغ ذلك أهل كنعان ، فوقع الرعب في قلوبهم ، فآمنوا بيعقوب - عليه السلام - .

الصفحة 113