كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 116 """"""
قال الله تعالى : " فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيبت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون " .
قال : ثم قالوا : ماذا نقول لأبينا ؟ قال بعضهم : إنه كان يخاف عليه من الذئب ، فنقول : إن الذئب أكله . فعمدوا إلى جدي فذبحوه على قميصه . وألصقوا بالدم شيئاً من شعر الجدي . ورجعوا إلى أبيهم .
ذكر رجوع إخوة يوسف إلى يعقوب
قال : ولما قربوا من عريش يعقوب أخذوا في البكاء والعويل ، فرأتهم ابنة يعقوب ، فنزلت إلى أبيها باكية ، وقالت : رأيت إخوتي متفرقين يبكون ، وروبيل يقول : يا يوسف يا يوسف . فصاح يعقوب ، وخر على وجهه ؛ فدخلوا عليه وقالوا : يا أبانا ، حلت المصيبة وعظمت الرزية " إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين " قال الله تعالى : " وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على تصفون " وأخذ يعقوب القميص ، ونظر إليه فلم ير فيه أثر خدش فقال : يا بني ، ما للذئب وأكل أولاد الأنبياء ؟ وأخذ يبكي ؛ ثم قال : اخرجوا في طلب هذا الذئب ، وإلا دعوت عليكم فتهلكوا . فخرجوا فأخذوا ذئباً عظيماً وجعلوا يضربونه ويجرونه ، حتى جاءوا به إلى أبيهم ، فقال : كيف عرفتموه ؟ قالوا : لأنه ذئب كبير ، وكان يتعرض لنا في غنمنا .
ذكر كلام الذئب بين يدي يعقوب
فقال يعقوب : سبحان من لو شاء لأنطقك بحجتك ، فنطق الذئب وقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، يا نبي الله ، إني ذئب غريب ، فقدت ولداً لي فجئت في طلبه حتى بلغت بلدك ، فأخذني هؤلاء وضربوني وكذبوا علي ؛ والذي لأنطقني ما أكلت ولدك ، وكيف يأكل الذئب أولاد الأنبياء ؟ فأطلقه يعقوب .
ذكر خبر خروج يوسف من الجب وبيعه من مالك بن دعر
قال : وأقبل قوم من بلاد اليمن يريدون أرض مصر ، فخرج بعضهم في طلب الماء ، فرأى نوراً يسطع من البئر ، فأدلى دلوه ، فتعلق به يوسف ، فاجتذبه ، فنظر إليه فرآه ، فقال للذي كان معه : " يا بشرى هذا غلام " . فأخرجوه .

الصفحة 116