كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)
"""""" صفحة رقم 117 """"""
قيل : وذلك في اليوم الرابع من إلقائه في الجب ، وكان إخوته على رأس جبل فنظروا إلى اجتماع القافلة على الجب ، فعدوا إليهم ، وقالوا : هذا عبد لنا أبق منذ أيام ، ونحن في طلبه ، فإن أردتم بعناه منكم .
ثم قالوا ليوسف بالعبرانية : إن أنكرت العبودية انتزعناك من أيديهم وقتلناك . فسأله أهل القافلة فقال : إني عبد ، أراد الله .
وكان رئيس القافلة مالك بن دعر ، فاشتراه منهم بأقل من عشرين درهماً .
قيل : تنقص درهماً . وقيل : تزيد درهمين . وقيل : اشتراه بأربعين درهماً والله أعلم . فاقتسموها بينهم .
قال الله تعالى : " وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين " .
ثم قالوا لمالك : هذا عبد آبق سارق ، قيده حتى لا يهرب منك ولا يسرق . فقيده وأركبه ناقة ، وكتب يهوذا كتاب البيع ، وساروا حتى بلغت القافلة قبر أم يوسف ، فلم يتمالك أن رمى بنفسه على القبر وبكى ، فافتقدوه فلم يروه ، فبعثوا في طلبه ، فوجدوه وقد اتكأ على القبر ، فلطمه واحد منهم ، وقالوا : هلا كان هذا البكاء قبل اليوم حتى كنا لا نشتريك ؟ وساروا به حتى دخلوا مصر ، فغير مالك لباس يوسف ، وعبر به ، فاجتمع الناس على القافلة ، ورأوا يوسف فعجبوا لحسنه وجماله .
ذكر خبر بيع يوسف من عزيز مصر
قال : وواعدوا ملكاً على بيعه بباب الملك ريان بن الوليد ، فزين يوسف بأحسن زينة ، وأقعده على كرسي ، وأقبل عزيز مصر واسمه قطفير ، واجتمع التجار وقام الدلال ونادى عليه ؛ فبكى يوسف ، وتزايد القوم حتى بلغ يوسف مالاً لا يحصى كثرة ؛ واستقر بيعه من قطفير ، وأحضر الأموال .
وقد اختلف الرواة في كمية الثمن ، فمنهم من لم يحده ، بل قال : مالاً كثيراً .