كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 13)

"""""" صفحة رقم 123 """"""
ذكر رؤيا الملك وتعبيرها وما كان من أمر يوسف وولايته
قال : وقد الله عز وجل أن الملك - وهو الريان بن الوليد بن ثروان بن أواسة بن قاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن نوح عليه السلام - رأى في تلك الليلة رؤيا هالته ؛ فدعا بالمعبرين ، فقالوا : إن هذه " أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين " . فغضب الملك وقطع أرزاقهم ؛ وذكر الله الساقي ؛ قال الله تعالى : " وقال الذي نجا منهما واذكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون " فتقدم إلى الملك وذكر تله خبر يوسف - وكان بين المدتين سبع سنين وسبعة أشهر - فأرسله لملك إليه وقال : أخبره برؤياي وأتني بتأويلها . فأقبل الساقي إلى السجن واجتمع بيوسف ، واعتذر له ، وأخبره برؤيا الملك ، وقال : هل عندك تعبير ذلك ؟ فال : لا أفعل حتى ترجع إلى الملك وتسأله " ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن " ؛ فرجع الساقي إلى الملك وأخبره ، فاستدعى النسوة ، فأتى بمن كان يعيش منهن ، فقال الملك : " ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين " . فلما قلن ذلك قال الملك : " ائتوني به أستخلصه لنفسي " ؛ فلما دخل عليه أجلسه معه على السرير ، وسأله عن اسمه ونسبه ، فانتسب له ، وذكر قصته مع إخوته ؛ فقال له الملك : قد سمعت ما رأيت في منامي . ثم قصها عليه ، فقال : رأيت سبع بقرات سمان في ناهية الحسن ، ولكل بقرة قرون كبيرة ، فحملتني واحدة على قرنيها ، فجعلت أصير من بقرة إلى بقرة حتى طفت على الجميع ؛ فبينما أنا كذلك وإذا بسبع بقرات عجاف مهازيل ، فعمدت فأكلت كل واحدة من المهازيل واحدة من السمان ، وبقيت التي أنا على قرنيها فلما تقدمت المهزولة لأكلها ، رمتني عن قرنيها ، فأكلتها المهزولة ؛ ثم صار للمهازيل أجنحة ، فطارت ثلاث نحو المشرق وثلاث نحو المغرب ، وبقيت هناك واحدة ؛ فبينما أنا كذلك وإذا بسبع سنبلات في نهاية الخضرة خرجن من ذلك الوادي ، ثم لاحت فيهن سبع سنبلات يابسات ، فالتففن على الخضر حتى غلبن على خضرتهن ، وإذا بملك قد أقبل وقال : يا ريان ، خذ هذا الرجل فأقعده على سريرك ، فإنه لا يصلح ما رأيت إلا على يديه ؛ فهذا ما رأيت .

الصفحة 123